"إبراهيم السعودي" وهواة "النوم والأكل"!

"تدرون ما فيه أحد الآن يزورني حتى إخواني وأبوي ولا أحد، اللي جنبي كل شوي تجيهم زيارة وأنا ولا أحد، زوروني ستجدون الله عندي وتكسبون الأجر"، هكذا كانت تويتر تصرح باسم "ابن السعودية إبراهيم" الذي يعاني من شلل كامل ويحتاج إلى زراعة خلايا جذعية في إلمانيا وعلاج طبيعي، إبراهيم السعودي الذي أفرغ همه عبر تويتر لم تمضٍ سوى سويعات قليلة إلا وأروقة مستشفى الملك خالد جناح 21 يكتظ بالزوار الذين قرأوا التغريدة فلبوا النداء وهبوا لزيارته فرادى وجماعات، مما اضطر المشفى إلى وضع رجل أمن لينظم عملية الزيارة.
حين شعر إبراهيم بأن عائلته ابتعدت عنه كان الشعب السعودي كله له عائلة، لعل أهل إبراهيم مشغولون في البحث عن تكاليف العلاج، ولأنه ما زال يرقد في مكانه فمن الواضح أنهم لم يحققوا ما يصبون إليه، لعلهم يأسوا، غضبوا، تعبوا، لكنهم بالتأكيد كانوا يقولون يا رب فرجك، لم يكونوا يعلمون أن الفرج قريب وأن إبراهيم المشلول كليًا الراقد في مكانه على السرير 3 في الغرفة 3 هو الذي أمن تكاليف العلاج، وهم المتحركون النشطون السائرون عجزوا عن ذلك، سبحان الله، فبعد تغريدة إبراهيم أيضًا تمت الفزعة له وآخر تغريدة قرأتها لرجل أعمال سعودي قال "نريد 20 رجل أعمال من السعوديين يتبرع كل واحد بـ100 ألف ريال لجمع مليونين لعلاج إبراهيم، وأنا أول المتبرعون بها".
لك الله يا وطن الخير، لك الله يا شعب الخير، لكم الله يا أبناء أبي متعب، هذه هي الأخوة الحقيقية والفزعة العربية بالنخوة الحرة، تغريدة من 140 حرفًا جعلت إبراهيم لا يلحق على زواره، دعاء من قلب طيب جعل المشلول كليًا يجمع تكاليف علاجه حين عجز المتحركون عن ذلك، هذه هي صورة شعبنا السعودي وحقيقة معدنه، هذه هي الصورة التي على العالم كله أن يعرفها وأن يعرف أننا لم نسكن أرض الحرمين باختيارنا بل هو قدرنا الذي أمر به المولى عز وجل ونحن خدام بيته الحرام.
في نفس اليوم الذي تابعت فيه إبراهيم السعودي سمعت على إحدى الإذاعات خبر آخر أن مغردين سعوديين على تويتر أجروا استفتاء، ما هي أكثر مواهب السعوديين فكانت النتيجة أنها النوم والأكل، استغرب جدًا إذ إن النوم والأكل هي أولى نصائح الأطباء وكل شيء ضمن حده المعقول، لكن حين تقدم الصورة بأسلوب ساخر يوضح أن الشعب السعودي عاشق للنوم وللأكل، والأدهى حين علقت المذيعة حسنة الصوت قائلة "ويش نبي أحسن من كذا نوم وأكل ومعنا فلوس هههههههه وعلولوه". هذه عبارتها وضحكاتها، من حقها أن تضحك وهي من دولة عربية شقيقة لأن بعض المغردين السعوديين هم من عبروا عن واقعهم إنهم "أكل، شرب، نام"، هؤلاء لا يمثلون إلا استثناء وحالة نادرة، فالنائمون لم يبنوا الوطن ولا الإنجازات العظيمة، النائمون المتخمون لم يكونوا بجانب والدنا عبدالله حين افتتحنا الجوهرة المضيئة في جدة، النائمون هؤلاء بكل تأكيد لم يكونوا في الجناح 21 الغرفة 3 السرير 3.
السخفاء يتبعهم السخفاء، وأن مثل هذا الخبر وإعلانه بطريقة سخيفة فيها تجنٍ كثير خاصة أن الإذاعة تبث برنامجها هذا صباحًا ولا يسمعها إلا المستيقظون الضاربون في الأرض، فأي رسالة تصلهم؟.