Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نجران.. قيمة المكان وهيبة الزمان

لوهلة ظننت أني خارج المملكة، تصورت أني قد أخطأت في ركوب الطائرة المتوجهة إلى نجران، سألت جاري بدهشة: أين نحن؟ فأجاب بكل استغراب: نحن في نجران!

A A
لوهلة ظننت أني خارج المملكة، تصورت أني قد أخطأت في ركوب الطائرة المتوجهة إلى نجران، سألت جاري بدهشة: أين نحن؟ فأجاب بكل استغراب: نحن في نجران! رجعت أنظر إلى مبنى المطار الذي أذهلني، متأملا تكوينه الجميل، وما هي إلا لحظات، حتى وجدت نفسي أمشي بكل راحة في ذلك الممر الأنيق، لأدخل صالة قدوم غاية في الروعة.
كانت علامة الدهشة بادية على محياي، تتملكني كثيرا من علامات الفرح، لكوننا نستطيع أن نبني مطارا يليق بوطننا، مطارا يلبي احتياجاتنا، مطارا يتوافق مع تقنيات العصر، ذلك ما بثثته لمستقبلي العزيز "علي كزمان" مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بنجران. السؤال: لماذا تأخرت إدارة الطيران المدني عن تشييد هذا المطار؟ ولماذا لم يتم تشييد مثيله في مختلف مدن المملكة؟ التي لا تزال تئن تحت وطأة مبانيها القديمة في دولة غنية تسعى لبلوغ عوالم متقدمة كالمملكة العربية السعودية.
على أن الأمر لا يتوقف عند ذلك وحسب، بل بات الناس يسألون بإلحاح: لماذا لم يكتمل حتى الآن مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، بل ولا يظهر لاكتماله أي بوادر قريبة مبشرة؟ وهو كما يعلم الصغير قبل الكبير أنه شريان حيوي على الصعيد المحلي والدولي.
أعود إلى نجران التي جمعت باقتدار بين حداثة المدينة وأصالة التراث، وحافظ أهلها بشكل مقبول حتى اليوم على عديد من جوانب التراث المعماري والبيئي، فهي مدينة بنيت في أحضان مجموعة قرى، ويمكن أن توصف بأنها بساتين ودروب أثرية شكلت بمجموعها مدينة أصيلة ضاربة بجذورها في أعماق الزمن.
لعمري ما أجمل ذلك التجوال بصحبة المثقف "عبدالله سدران" بين تلك البساتين الزاخرة بالنخل الباسقات، المحتضنة في لبِّها تلك الدور التراثية السامقة، المعروفة في عرفهم المحلي بالدروب، التي جمعت إلى زمن قريب أنفسا كثيرة، وأسرا متعددة، في مظهر اجتماعي بات غائبا اليوم ليس في نجران وحسب، بل في كل مدن جزيرتنا العربية الأصيلة.
في نجران شهدت روحا عربية أصيلة، كريمة في طبعها، متسامحة في نسقها الفكري والمذهبي، متحدة في ولائها لوطنها ومليكها، لا يمكنك أن تُفرِّق بين مكوناتها الاجتماعية والمذهبية، التي انصهرت جميعها في بوتقة وحدة وطن، وباتت -وفق إشارة أحد أبنائها وهو الشريف حسين طالب- تعكس روحا واحدة متمازجة مع كل المكونات والشرائح الأخرى في إطار الوحدة الوطنية.
في نجران وقفت على عظمة التاريخ المنسي، حين لامس ذهني أرض الأخدود، فاستشعرت قيمة المكان، وهيبة الزمان، ورجوت أن أعود وقد تبدل حال المكان أسوة بكل المآثر الإنسانية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store