Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

متى تستوصون خيراً بنسائكم ؟!

لا أستطيع أن أصفَ حجمَ ما شعرتُ به من حنقٍ، وغضبٍ، عندما ذهبت إلى قسم مراجعة النساء بإدارة الجوازات بالمدينة المنورة، الذي من الأولى تسميته بصندقة النساء، وهي غرفة لا تتجاوز (2× 3) متر، ليس بها نافذة

A A
لا أستطيع أن أصفَ حجمَ ما شعرتُ به من حنقٍ، وغضبٍ، عندما ذهبت إلى قسم مراجعة النساء بإدارة الجوازات بالمدينة المنورة، الذي من الأولى تسميته بصندقة النساء، وهي غرفة لا تتجاوز (2× 3) متر، ليس بها نافذة ولا مكان للتهوية، تفوح منها رائحة عفنة ورطبة، فالبساط مليء بالماء -ليست ماء المطر- لا أعرف هل هي نظيفة أو غير ذلك.
زُرتُ الجوازات في المبنى القديم، وكتبتُ عن غرفة النساء السابقة، وعن ذلك الطلاء الأسود لبابها ومدخلها، فلم يتبدل من الوضع وقتها غير الطلاء الذي استُبدل -على ما أظن باللون الأبيض- ومع هذا فرحتُ -كعادة النساء المغلوبات يفرحن بالقليل- أنَّ تغييرًا قد حصل على أمل أن يتبدل الحال ويتغير في المبنى الجديد. وهو مبنى كبير جدًا، استحوذ عليه الرجال، ولم يُعطَ للمرأة المُراجِعة من ذلك المبنى الطويل العريض غرفة واسعة تليق بها، ودورة مياه صحيَّة، ومكانًا للصلاة، وبرادة ماء مجانية، وكافتيريا صغيرة، ومكتبًا للتصوير ولتنفيذ بعض الإجراءات للنساء اللواتي لا يجدن الكتابة والقراءة، أو لا يستطعن التعامل مع التقنيات الحديثة، بدلاً من أن يخرجن للشارع، ويدخلن لمكاتب خدمات الرجال، إذا كان حقًا هدفنا هو المحافظة عليهن. وقبل ذلك كله توفير خادمة للتنظيف الدائم، فهل هذا كثيرٌ على الأم، والأخت، والابنة، والزوجة، أيها المسؤول الكريم؟!
لن يشعر أحدٌ بفداحة الأمر، وآثاره الوخيمة على نفسية المرأة إلاَّ من أجبرتها ظروفها للذهاب للمراجعة في بعض إداراتنا الخدمية.
فاللواتي يرتدن هذه الأماكن هُنَّ نساء أجبرتهن الظروف على الخروج من منازلهن أو أعمالهن، لقضاء حوائجهن وإنهاء معاملتهن، فمنهن الكبيرة في السِّن ومنهن العاجزة والضريرة، ومنهن المقعدة والأُميَّة التي لا تقرأ ولا تكتب، ولا تستطيع التعامل مع برامج الحاسوب، ومنهن الفقيرة المُعدمة التي لا تستطيع الذهاب والإياب لتلك الدوائر، لقلة ذات اليد.
والسؤال: كيف أتقنّا التعامل مع التقنيات الحديثة، وأخرجنا برنامج (أبشر) الإلكتروني، وأخفقنا في تقدير المرأة. فهل استبدلنا كلمة (أكرم) بدلاً من (أبشر)؟!.. علمًا بأنَّ جوازات المدينة ليست هي وحدها المعنيَّة بالأمر، فهناك دوائر خدمية أخرى تُخصص أماكن لمراجعة النساء لا تليق بهن أيضاً، فأين العمل بقول الرسول الكريم: (استوصوا بالنساء خيراً)؟!
بقي أمرٌ في غاية الخطورة أَودُّ أن أنبِّه إليه، وهو عدم وجود آلية إدارية تحفظ للمواطنة حقوقها إذا فُقدت أوراقها الرسمية، فقسم النساء يستلم جواز السفر أو الإقامة إلى غير ذلك من الأوراق الرسمية التي تتطلبها الإجراءات، واستلامها يكون في اليوم الثاني، دون منح تذكرة مراجعة تُثبت استلام تلك الأوراق الرسمية، وتُثبت حق المطالبة بها إن فُقدت، خاصة وأنَّه لا يخفى على الجميع ما تتمتع به بعض المعاملات في بعض دوائرنا الخدمية ومن بعض الموظفين من عدم اهتمام.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store