Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قليلٌ من العلم ..كثيرٌ من الأدب

دائماً ما يتبادر إلى بالنا السؤال الفكري المحيّر ..هل نحن بحاجة في حياتنا اليومية إلى كثير من العلم وقليل من الأدب أم أن العكس هو الصحيح.

A A
دائماً ما يتبادر إلى بالنا السؤال الفكري المحيّر ..هل نحن بحاجة في حياتنا اليومية إلى كثير من العلم وقليل من الأدب أم أن العكس هو الصحيح.
نظرة إلى ما حولنا في حياتنا اليومية، مجتمعنا، تعاملاتنا، إعلامنا، رياضتنا، مكاتبنا، مدارسنا، جامعاتنا، بل شوارعنا وحوارينا وحتى داخل بيوتنا.
ماذا نلحظ... ونلاحظ... ويأتينا الجواب المفزع، كثيراً ما تكون الغلبة للصوت المرتفع وللذراع الطولى، وغلظة القول والرأي الأوحد في حواراتنا ومناقشاتنا وتفاهماتنا.
نسينا أن علم المحبة لا يوجد في كتاب، إنه ممارسة وتعامل، انظر إلى الوردة تفوح عطراً حتى لمن قطعها ورمى بها، فماذا نتعلم من ذلك؟!
يقول أحد علماء السلف الصالحين :اجعل علمك ملحاً وأدبك دقيقاً، يعني اجعل نسبة العلم إلى الأدب كنسبة الملح إلى الدقيق في الطعام، واللبيب بالإشارة يفهم.
فالعمل القليل إذا اتسم صاحبه بالأدب واتصف به فهو خير له من العمل الكثير بلا أدب، فالأمة تنهض بالأدب وتفلح إذا ما فلح أبناؤها ولا يكون فلاحهم إلا بالأدب، وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وأدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره، فما استُجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانهما بمثل قلة الأدب"، وقال أيضاً: "الأدب هو اجتماع خصال الخير في العبد".
إذاً فالأدب هو الدين كله وقد حض ديننا الحنيف على تأديب الإنسان وفضله الله تعالى بحمل رسالته، كما يدخل في بابه كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والخفية.
نريد مساحة أكبر للسلوكيات المنضبطة للتعامل الراقي لكل أفراد المجتمع... متى يستشعر كل منا أنه منظومة أخلاقية متحركة، فالإنسان يتبوأ مكانة سامية بين المخلوقات لتميزه عن غيره من الكائنات بأنه مدرك للقيم، والمجتمع في حقيقته يعتمد على الأفراد وسلوكياتهم، هذه القيم تمثل صورة المجتمع، ونلاحظ في عصرنا هذا اهتزاز هذه القيم وتعرضها للتشويه لذلك لابد من البحث عن رؤى علاجية لنتمكن من تأمين هذه المنظومة الأخلاقية التي تتسم بالتميز والمرونة.
ألِنْ جانبك لغيرك... ألِنْ جانبك لزوجتك، لأخيك لجارك لزميلك، ذلك من أدب المحبة، نحن نريد أن نلين جانبنا للجميع.
هناك من تجده بخيل بالعاطفة الجياشة ميالٌ للغلظة في القول والفعل، بخيل بالكلمة الطيبة بخيلٌ بالمودة. نسأل أنفسنا أين البذل والكرم والعطاء، أين بذل الندى ولمن اليوم.
متى نستوعب الآية الكريمة "قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ" أي أن الكلمة الطيّبة للسائلين والمحتاجين والصفح عن أذاهم أفضل من الصدقة التي يتبعها الأذى .لنرفع منسوب الحياء في حياتنا، لنرفع منسوب الأدب، منسوب اللياقة قليلاً في كلامنا، في حوارنا ،في نقاشاتنا في كتاباتنا.
إن الإسلام ربط بين المسلمين وجعلهم إخوة، هذه الاخوة تقتضي المحبة وقد بين الله سبحانه وتعالى في كثير من الآيات الوسائل التي تحصل بها المحبة منها صفاء القلوب والنية الخالصة فإذا صفت قلوبهم وخلصت نياتهم وأحب بعضهم بعضاً زال بينهم الحسد والبغضاء وأصبحوا مجتمعين مؤتلفين.
والمحبة تقتضي النصح:
-اذا اردت نصحي فانصحني بعيداً عن الناس، بعيداً عن المَّنِ والأذى.
-النصيحة على الملأ فضيحة فالإنسان بطبعه يكره التشهير ويعتبر النصيحة أمام الناس فضيحة، ولقد حث الشرع على النصيحة بالسر، فالهدف من النصيحة أن يقلع الشخص عن الخطأ وليس إشاعة عيوبه.
--السلوك قبل الكلام فن للتعامل وللتصرف الحضاري والاحترام بين الناس، ونحن في أمس الحاجة إليه لتحسين قواعد السلوك والارتقاء به.
- القدوة قبل المحاضرة فالاقتداء من أهم وسائل التربية، فالناس يتأثرون بمن يمتثل أمامهم معاني القرآن والسنة.
- العياذ بالله من نزع الرحمة
- أول ما ينزع الحياء، وقد قال صلى الله عليه وسلم "الْحَيَاء مِن الْإِيْمَان، وَالْإِيْمَان فِي الْجَنَّة، وَالْبَذَاءَة مِن الْجَفَاء، وَالْجَفَاء فِي الْنَّار.
- الحياء خُلق، فالحياء رأس مكارم الأخلاق وزينة الإيمان ودليل على الخير.
- لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء، أي من لا حياء له لا دين له.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة فهو خير ناصح وخير داعية وقد كان يوصي باللين حيث قال فيما معناه "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه".
فلا يفرح أحدنا بكثرة علمه إذا لم يزينه الأدب والرفق وحسن التعامل وبذل الندى. فما أحوجنا إلى علم قليل وأدب كثير.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store