Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رسالة إلى مواطن عربي مسلم

تمر علينا ذكرى النكبة الأليمة لضياع أرضنا الغالية في فلسطين، وقتل أهلنا الضعفاء وتشريدهم من أرضهم ودورهم، لنعتبرَ، لنزيدَ من إصرارنا على استرجاع حقنا المسلوب، لنؤكدَ أن كل نقطة دم حرام نزفتها أم أو أخ

A A
تمر علينا ذكرى النكبة الأليمة لضياع أرضنا الغالية في فلسطين، وقتل أهلنا الضعفاء وتشريدهم من أرضهم ودورهم، لنعتبرَ، لنزيدَ من إصرارنا على استرجاع حقنا المسلوب، لنؤكدَ أن كل نقطة دم حرام نزفتها أم أو أخت أو ابنة، أب أو أخ أو ابن لن تذهب سدى، لنعلنَ للملأ أننا أمة لا تنسى ولن تنسى مهما طال بها الزمن. هكذا يجب أن نكون، وبهذه الروح الصامدة يجب أن نعيش ونربي أبناءنا من بعدنا عليها.
لكن يظهر أن الأمور بدأت تمشي بعكس مسارها، وصار مقبولاً عند البعض أن نسمي المغتصب القاتل أخاً، ونرسل له رسالة أخوية مضمخة بكل ألفاظ الود، على اعتبار أن ذلك من الواقعية السياسية بل والحياتية، التي يجب أن ننساق في إطارها. هكذا بجرة قلم يصبح القاتل لأهلنا بوحشية، المغتصب بكل جبروت لأرضنا وبيوتنا صديقاً، ويتحول المقتول والمشرد والمكلوم إلى مخطئ أحمق، لكونه لم يتواءم مع الحدث وينظر لقاتله بنظرة إنسانية.
قرأت في هذا السياق مؤخراً مقالاً لكاتب عربي يعكس كل أنواع الاستسلام، باسم الواقعية السياسية والعدالة الإنسانية العرجاء، وَسَمه بعنوان "رسالة إلى مواطن إسرائيلي". توقفت ملياً عند العنوان، وتأملت حالة المواربة الظالمة فيه، فالإسرائيلي الذي جاء من آفاق الأرض ليستوطن على أرض أهلنا ظلما وعدواناً، بات مواطناً له حقوقه المكفولة في كل الشرائع والأعراف وفق مدلول اللفظة، وفي المقابل أصبح الفلسطيني الذي تم سحله واغتصاب داره معتدياً ظالماً وفق دلالة ذات اللفظة ، لاسيما إن جأر بصوته، أو رد أي اعتداء عليه من ذلك المواطن الإسرائيلي. أرأيتم كيف تتبدل المفاهيم والقيم بجرة قلم؟
واقع الحال كم كنت أرجو من الكاتب ـ وهو عربي أصيل ـ أن يكتب رسالة إلى أبيه وأمه، وأخيه وأخته، وابنه وابنته من أهلنا في فلسطين، الذين سُلبَ حقهم الطبيعي في التمتع بأبسط حقوق المواطنة الإنسانية من قبل ذلك الغاصب الإسرائيلي، يعتذر منهم عن حالة التقصير التي تعتري العرب والمسلمين صبح مساء، يعدهم بأن حقهم لن يضيع طالما ظل هناك إنسان عربي ومسلم.
وفي ذات الوقت كم رجوت أن يوجه خطاباً صادقاً لذلك المغتصب بالتوارث، يطلب منه أن يُرجع الحقوق لأصحابها، ويدفع حكومته إلى تحقيق السلام العادل الذي قبل به الفلسطينيون والعرب في قمة بيروت عام 2002م.
بقي أن أشير إلى أن حالة التيه التي يمكن أن يمر بها أي كاتب جراء دغدغة مكامن القوة العالمية المسيطرة على كوامن العالم الخفية كما يقال، لن تصنع له مجداً حقيقياً، فما نجح أحد جاء إلى قومه فوق عَرَبَة صهيونية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store