Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الحصين يقرع أجراس الخطر

لم أستمع إلى ما قاله معالي الأخ المهندس عبدالله الحصين، وزير المياه والكهرباء، في مؤتمر الأمن الوطني الإقليمي الذي عقد في البحرين قبل بضعة أسابيع ولكنني قرأت مقتطفات منه، ولم يفاجئني ما قرأت، فأنا أعر

A A
لم أستمع إلى ما قاله معالي الأخ المهندس عبدالله الحصين، وزير المياه والكهرباء، في مؤتمر الأمن الوطني الإقليمي الذي عقد في البحرين قبل بضعة أسابيع ولكنني قرأت مقتطفات منه، ولم يفاجئني ما قرأت، فأنا أعرف المهندس الحصين ومدى دقته فيما يقول، ولذلك لم أفاجأ بالقدر العالي من الصراحة والوضوح في حديث المهندس الحصين وحول الأخطار المحدقة بالأمن الوطني لمنطقتنا نتيجة الإفراط في استهلاك المياه.
يقول المهندس الحصين: إن معدل استهلاك الفرد في دول مجلس التعاون من المياه يزيد عن خمسة أضعاف استهلاك الفرد في أوروبا وأن الهدر في شبكات المياه لدينا يبلغ ستة أضعاف معدل الهدر في أوروبا، ويضيف الوزير الحصين: إن حجم الاستهلاك من المياه في دول المجلس سوف يصل إلى أكثر من خمسين بليون متر مكعب سنوياً أي ما يعادل حجم ما يجري في نهر النيل في مصر سنويا!!!
ثم يتطرق الوزير الحصين إلى الحديث عن مجالات الإسراف في استهلاك المياه ويأتي على رأسها استهلاك القطاع الزراعي من المياه حيث يقول: إن إنتاج تمرة واحدة يستهلك خمسين لتراً من الماء، وأن إنتاج بطيخة واحدة يحتاج إلى آلاف اللترات وغير ذلك من الأمثلة التي يصعب تخيّلها أو استيعابها.
لا مفر من مواجهة قضية البذخ في استهلاك المياه في القطاعين الزراعي والسكاني، ففي القطاع الزراعي لابد من مراجعة سياسة انتاج بعض المحاصيل الزراعية كثيفة الاستهلاك للمياه وذلك عن طريق إيقاف الدعم لها أولاً ثم التدرج في احتساب تكلفة المياه فيها بالشكل الذي يقنن من انتاجها في الحدود المعقولة، وفي القطاع السكاني لا يمكن التغاضي عن الإسراف في استهلاك المياه نتيجة انخفاض تكلفتها، وتتم معالجة ذلك عن طريق تحديد شرائح استهلاكية منخفضة التكلفة أو حتى مجانية ثم التدرج في رفع تكلفة استهلاك بقية الشرائح إلى الحدود المتوائمة مع تكلفة إنتاجها، وأخيرًا لا بدّ أيضًا من معالجة مسألة التسربات والهدر في شبكات المياه وتنفيذ الاستثمارات اللازمة لتحقيق ذلك.
إن الاكتفاء بإجراءات التوعية والترشيد لن يؤدي إلى تحقيق الخفض المطلوب في الاستهلاك، ويجب أن تتواكب حملات التوعية والترشيد مع سياسة تسعيرية معقولة تنطلق بالتدريج نحو حماية مصالح أصحاب الدخل المحدود وعدم السماح للأثرياء بالاستفادة من مجانية المياه في الاستهلاك الجائر أو تحقيق الأرباح الطائلة على حساب مواردنا المائية وأمننا الوطني.
afcar2005@yahoo.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store