Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وداعًا «أبوفارع»

أجزم ألا أحد من أهل الطائف إلا ويعرف الشيخ ناصر أبوفارع، أو يسمع عنه، فشخصية مثله قد تميزت بحجم عطائها الكبير لكل محتاج مستور، وكل يتيم مقهور، وكل فرد ميسور، جديرة بأن تعرف.

A A
أجزم ألا أحد من أهل الطائف إلا ويعرف الشيخ ناصر أبوفارع، أو يسمع عنه، فشخصية مثله قد تميزت بحجم عطائها الكبير لكل محتاج مستور، وكل يتيم مقهور، وكل فرد ميسور، جديرة بأن تعرف.
على أن قيمة أبوفارع لم تتوقف عند ذلك وحسب، بل تراه مهمومًا بأمر من انتقل إلى الرفيق الأعلى قدر اهتمامه بمن ظل على سطح الثرى، حيث عمل على شراء المساحات الواسعة لتكون سكنًا لأولئك، وحرص على أن يقف بنفسه على تخطيطها، وحفر مساكن من سيأوي إليها، والأهم أنك تراه في عديد من الأوقات مشاركا في دفن من كتب الله له الانتقال للدار الآخرة، لم يمنعه عن فعل ذلك سعة ماله، ولم تنسه ثروته عظم ما يتوجب عليه من مسؤولية كمسلم، كمواطن، كإنسان، والأهم أنه لم يتأفف من اتساخ ثوبه أو غبرة على وجهه وهو يشارك في توسيد قريب أو صديق أو أخ مسلم، أليس مثله لا ينسى؟
رحم الله الشيخ ناصر أبوفارع رجل الأعمال الذي بنى نفسه من الصفر، فاشتغل في المقاولات وفق معايير دقيقة أساسها الدقة والأمانة، مقرونة بالتسامح واللين وحسن الخلق، فكان نموذجًا لحديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم القائل: "رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع، وسمحًا إذا اشترى، وسمحًا إذا قضى، وسمحًا إذا اقتضى"، متمثلا في كل تعاملاته قوله جل وعلا: (وَإن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ)، فكان بسيطًا في تعاملاته مع الآخرين، لينًا في تحصيل مستحقاته منهم، مقدرًا ظرف من يستحق التقدير، بل ومتجاوزًا عن كثير إذا رأى حاجة ذلك، فالمال لم يكن همه الأكبر، وكيف لمثله ذلك وقد اشتغل بتوسيد من سبقه إلى الرفيق الأعلى، فكان الموت بين ناظريه صبح مساء، أليس مثله لا ينسى؟!
لقد مثل الشيخ ناصر أبوفارع -يرحمه الله- حالة نادرة في عصرنا الذي غلبه الجشع، وسيطر على تعاملاته سوء الظن، وقلة الأمانة، وتلاشي القيم والأخلاق النبوية في مختلف التعاملات التجارية وغيرها، بل بات حالة نادرة في أمر تفقد أحوال الناس ومساعدتهم لفك كربهم بكل يسر وهدوء، ودون ضجيج هنا وهناك، ممتثلاً قوله تعالى: (إن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)، وراجيًا أن يكون ممن تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله فيكون ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وداعًا (أبوفارع) وقد غادرتنا إلى الرفيق الأعلى مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا، حيث مكانك الذي عملت على تجهيزه بكل هدوء وثبات، وصحبك الذين ودعتهم بكل صبر وإيمان، وأحبابك من آل بيت نبيه الذين أوفيت لهم حقهم امتثالاً لقوله تعالى: (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلاَّ المَوَدَّةَ فِى القُرْبَى).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store