Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وما زال الحصول عليها صعباً؟!

أثناء مناقشة رسالة علمية لأحد طلاب الدراسات العليا، تطرق بعض الزملاء الأكاديميين ومنهم العلّامة الأستاذ الدكتور عمر سراج أبو رزيزة أستاذ الهندسة المدنية في جامعة الملك عبدالعزيز الى معاناة عامة يواجهو

A A
أثناء مناقشة رسالة علمية لأحد طلاب الدراسات العليا، تطرق بعض الزملاء الأكاديميين ومنهم العلّامة الأستاذ الدكتور عمر سراج أبو رزيزة أستاذ الهندسة المدنية في جامعة الملك عبدالعزيز الى معاناة عامة يواجهونها وطلاب الدراسات العليا الذين يشرفون على أبحاثهم من صعوبة حصولهم على المعلومات الضرورية التي يحتاجونها في أبحاثهم الميدانية التطبيقية، وكيف يؤثر ذلك في دقة نتائج واستنتاجات أبحاثهم وقد يؤدي إلى تأخر تخرج طلابهم.
قلت وقد سبق وتطرقت إلى ذات الموضوع في مقالات سابقة من عدة سنوات نشرت بصحيفة عكاظ (الأول بعنوان فوبيا إعطاء المعلومة وتاريخ 22/3/1417هــ، والآخر بعنوان أهمية المعلومة وتاريخ 13/12/1423هـ) وكتبت وكتب غيري الكثير عن ضرورة تيسير الحصول على المعلومة للباحثين العلميين والأكاديميين وطلاب العلم وخاصة طلاب الدراسات العليا حتى تكون أبحاثنا تطبيقية ميدانية تلامس الواقع المعاش وتبحث عن الحلول الفنية الناجحة له، ولكن يبدو أن الموضوع قديم متجدد.
ومن يبحث عن المعلومات والإحصاءات من الباحثين والدارسين دائماً ما يصطدم بعبارات مثل (المعلومات سرية أو المعلومات غير متوافرة أو تحتاج إلى موافقات عليا للإفصاح عنها) تلك ردود معلبة جاهزة تواجه أي باحث أكاديمي أو دارس يبحث عن معلومات لغرض القيام بدراسة علمية أو بحث أكاديمي، فيضطر الباحث لافتراض المعلومة وتقريبها للواقع قدر الإمكان أو اللجوء إلى الأبحاث النظرية السائدة.
إن الباحث أو الدارس الذي يواجه بصدود من قبل مسئول لديه (فوبيا) إعطاء المعلومة حتى وإن قدَّم الباحث البراهين على أن هذه المعلومة ستستخدم لأغراض البحث العلمي فقط وستعامل بسرية تامة لاشك أنه إذا تكررت معاناة الباحث المريرة في الحصول على المعلومة الموثقة الصحيحة المناسبة فسيفقد اهتمامه بالبحث العلمي التطبيقي الجاد وسيخسر المجتمع باحثاً أو عالماً قد يفيد المجتمع بأبحاثه ودراساته وعلى المسئول الذي لديه معلومة أن يعرف أن المعلومة ليست ملكاً له بل هي ملك للمجتمع الذي عليه أن يستفيد منها في أبحاثه ودراساته، صحيح أن هناك معلومات أمنية لا ينبغي اطلاع أحد عليها أو المساس بسريتها ولكن ليس كل معلومة اقتصادية اجتماعية ثقافية لها علاقة بالخدمات أو الموارد الطبيعية أو البيئية أو العلوم ...الخ هي معلومة أمنية تخاف من إطلاع الباحثين والدارسين عليها خدمة للعلم وإفادة المجتمع بكل قطاعاته ويجب أن نكسر حاجز الفوبيا أو الخوف من إعطاء المعلومة لطالبيها من الباحثين والدارسين وإلا ظلت كثير من أبحاثنا ودراساتنا نظرية بعيدة عن الواقع لأنها تفتقر المعلومة الموثقة والمناسبة والصحيحة.
وكأمثلة فقط انظر إلى التضارب الذي يصل إلى حد التشكيك في المعلومات المتداولة علناً لأرقام البطالة في المملكة أو أعداد العمالة الأجنبية الموجودة على أرض الوطن أو المخزون المؤكد أو المحتمل من المياه الجوفية أو مقدار الديْن العام أو الكميات المستهلكة من المياه في مدينة (س) أو مدينة (ص).
وغني عن القول ان المعلومة الموثقة مهمة ليس للباحث والدارس فحسب، بل لصاحب القرار والمخطط الاقتصادي، حتى تأتي القرارات والخطط التنموية مبنية على المعلومات السليمة المناسبة استقراء للواقع واستشرافاً للمستقبل، وحتى لا تأتي الخطط كما هو حال بعضها تخرصات يُثبت المستقبل فشل توقعاتها.
وأهمية المعلومة تحددها:
•مقدار المعلومة المناسبة.
•نوعية المعلومة المطلوبة.
•المدى الزمني الذي تشمله المعلومة.
ثم بعد ذلك يأتي دور الباحث والدارس في تبويبها وتصنيفها وربطها بعضها ببعض، وتحليلها ومن ثم استخدامها لاستقراء الواقع وتحليل النتائج واستنباط المؤشرات الإحصائية وصولاً للنتائج والتوصيات المطلوبة.
ولعل أن يكون هناك جهاز مركزي مستقل للمعلومات والإحصاءات، يتبع مجلس الوزراء الموقر مباشرة، يحرص على تجميعها وغربلتها بعد مقارنتها وتيسيرها مباشرة ودون عناء لمن يحتاجها لغرض البحث أو الدراسة أو التخطيط.
وأخيراً أقول: هل يعي المسؤول الذي يتردد في توفير المعلومة للباحثين والدارسين أن العالم يعيش في عصر (المعلوماتية) بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وأضحى العالم الواسع الشاسع المترامي الأطراف قرية صغيرة ترتبط جميع أطرافها بشبكات المعلومات المختلفة مثل الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وبضغطة زر بسيطة وأنت في مكتبك أو منزلك تستطيع أن تحصل على أي معلومة في العالم وتستطيع أن تستقبل وترسل ما تشاء من معلومات وفي أي علم من العلوم والمعارف، لكن هل يحصل الباحث والدارس على المعلومات التي تخصنا من الآخرين بدلاً من أن يحصل عليها من مصادرها المحلية؟!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store