Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

غمام الأديان ومستنقعات السياسة!

جاءت الأديان لتزيل الفكر الوثني، وترقي العقل البشري عن عبادة الأصنام، وتعلم الجدال العلمي والحوار المنطقي، لكن السياسة تعمل عكس عمل الأديان، فهي تعيد الوثنية بأشكال عصرية، وتنصب الأصنام وتوصف سبل عباد

A A
جاءت الأديان لتزيل الفكر الوثني، وترقي العقل البشري عن عبادة الأصنام، وتعلم الجدال العلمي والحوار المنطقي، لكن السياسة تعمل عكس عمل الأديان، فهي تعيد الوثنية بأشكال عصرية، وتنصب الأصنام وتوصف سبل عبادتها، ثم تتكئ على الدين (الفزاعة والشماعة) لتقنع الطيبين البسطاء أن عبادة الأصنام السياسية ليس لمصالح وطنية، ولا ترسية لقيم قومية، بل إنها واجبات دينية ووصايا نبوية، مشاهد وسيناريوهات تتكرر منذ الأزل لتمرير الأجندات السياسية، وتسويغ الطغيان ولا فرق في الحقيقة بينها وبين الأحاديث التي يضعها التجار لترويج سلعهم كحديث فضل الهريسة على سائر الطعام.
كتاب «آيات الرحمن في كرامات الأفغان» أشهر أمثلة ترويج الأجندات وتجنيد الشباب بخرافات تروى على سياق الحديث النبوي لتلبس الحق بالباطل، والباطل بالحق، وكذلك فعل بعض وعاظ الإخوان لنصرة (مرسي) فقد خرج أحمد عبدالهادي على المعتصمين قائلاً إن «بعض الصالحين في المدينة المنورة أبلغه برؤيا أن جبريل عليه السلام دخل في مسجد رابعة العدوية ليثبت المصلين»، وأنه أيضًا رأى مجلسًا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، والرئيس مرسي، والحضور، فحان وقت الصلاة، فقدّم الناس الرسول، ولكن الرسول قدّم مرسي ليضج الأتباع بالتكبير والتهليل.
ويزداد حماس عبدالهادي لرواية وصلة أخرى: «أنه شاهد صحراء بها 50 جملاً، وبها شباب وأطفال صغار يلعبون في الرمل، ولكن مع الوقت جاع الشباب والإبل، واشتد بهم العطش، فكان الفزع لله، ومع اشتداد الاستغاثة بالله انفلقت الأرض فخرجت ساقية ارتفاعها 10 أدوار، تقلب الأرض، وشربت الإبل وشرب الناس والأطفال، وسمع الناس صوتًا «ارعوا إبل الرئيس محمد مرسي».
ووصل الأمر عند مسعد أنور بتشبيه محمد مرسي بالنبي يوسف عليه السلام، وأنهما حكما بعد سنوات من المعاناة والسجن.
مؤخرًا ظهر مفتي النظام السوري أحمد الحسون، في فيديو مصور وهو ينتخب بشار الأسد فقال: «انتخبت بشار الأسد تنفيذًا لوصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم». وأوضح أنه ينتخب جند الشام الذين أوصى الرسول باللحاق بهم، مستندًا إلى حديث للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، «قال أحد الصحابة اختر لي يا رسول الله مع أي جند أكون، فقال له كن مع جند الشام.. كن مع جند الشام»، ونحن وضعنا في الصندوق «جند الشام» الذين أوصانا بهم رسول الله.
هذه عيّنات من وثنيي العصر الحديث، وعباد أصنام السياسة، الذين عبثًا يحاولون غمس نقاء سحب الأديان السماوية بمستنقعات الأطماع السياسية والجهاد من أجل الكراسي، لا يوجعك ما يرتكبون بقدر ما تأسف لرؤية قطعان من السذج يمشون خلفهم «مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء» وعقولهم خواء إلاّ من التبعية والعبودية والجهل المتين!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store