Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الأكاديميون: في عين العاصفة !

خلال الأسابيع المنصرمة، كتبتُ عدّة مقالات عن الأكاديميين (أساتذة الجامعات) من جوانب متعددة، تناولت بالتحليل أسئلة الطلبة حين قالوا عن الأساتذة (هل أنتم ملائكة؟). ثم ردّ الأساتذة (بل نحن بشر.. ولكن).

A A
خلال الأسابيع المنصرمة، كتبتُ عدّة مقالات عن الأكاديميين (أساتذة الجامعات) من جوانب متعددة، تناولت بالتحليل أسئلة الطلبة حين قالوا عن الأساتذة (هل أنتم ملائكة؟). ثم ردّ الأساتذة (بل نحن بشر.. ولكن). حاولتُ أن أتعرض لما قصده الأكاديميون، وقبل هذا وذاك استعرضتُ دور الأساتذة أصحاب اليد الحانية في تطور مسيرة الطلبة بعد تخرجهم، ومن ثمّ انخراطهم في سوق العمل، وفي سياق تلك المقالات أكدت على عدة قضايا، من أهمها:
* حسن اختيار واستقطاب أعضاء هيئة التدريس، خصوصا أن الجامعات في حاجة ماسة للكثير منهم، ويمكن للكثير من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين أن يسهموا في سد العجز.
* التأكيد على أهمية وضع برامج فعالة ومستمرة لتطوير كفاءة وقدرات أعضاء هيئة التدريس، وتقييم مخرجات ونتائج تلك البرامج وتطويرها بصفة مستمرة.
سأطرح في هذا المقال العديد من الأسئلة حول أخلاقيات الأستاذ المهنية، وذلك بالنيابة عن الكثير من المتأثرين من أداء أساتذة الجامعات سلبا أو إيجابا. أؤكد أنني لا أعمم أبداً، لكنه جرس إنذار ليتفقّد كل واحد من الأكاديميين نفسه، وليكن في كل ذلك رقيباً على تصرفاته الأكاديمية (العلمية والبحثية..) والسلوكية، مع قناعتي أنه يقع على عاتق الجامعات مسؤولية ودور كبير في مراقبة كل ذلك، وهذه نماذج من بعض التساؤلات.. وغيرها كثير:
* هل يدرك الأستاذ أن طلبته هم "محور" العملية التعليمية، وأن الجميع (أساتذة وإدارة) موجودون لتزويدهم بالمعارف والمهارات والخبرات، ودعمهم علميا وأخلاقيا ونفسيا ليصلوا إلى مرحلة النضج وتسلّم أدوارهم في تنمية البلاد وتطورها.
* هل هو مُتمكّن من مادته العلمية، وهل هو قادر على إيصال المعلومات بسلاسة لطلابه؟ أم أنه يحيلهم إلى ملخّصات مُبتسرة أو كتب جمع مادتها خصيصاً للطلبة وألزمهم بشرائها؟
* هل الأستاذ متواجد طوال الوقت في الجامعة (مكتبه، فصله أو مختبره؟) ليقصده الطالب ويتفاعل معه، أم أنه مشغول بأعماله ونشاطاته الخاصة خارج الجامعة، بينما يوكل دوره الأساسي لأحد مساعديه، مثلا؟
* هل يزور الأستاذ مع طلبته مكتبة الجامعة بصفة دورية؟ ويؤسس لحلقات نقاش علمية تستحثّ عقول الطلبة وتدفعهم للبحث والتقصي؟
* هل يُحسّ الطلبة بالأمان أمام أساتذتهم؟ وهل يتجرؤون على مناقشتهم، وإبداء آرائهم العلمية بحرية، أم أن سيف الامتحانات والرسوب فيها مُسلّط على رؤوسهم، يستخدمه الأستاذ لمنع إحراجه بأسئلة أولئك الطلبة؟
* هل يتعامل الأستاذ مع من حوله من طلبته بتواضع ورحابة صدر وأبوة حانية، أم أنه ذو شخصية متعالية على الجميع، يظن أنه (جمع فأوعى) وأنه فوق الجميع لا يمكن مساءلته، وأكبر من أن يُطلب منه التسجيل لبرامج التعلّم وتطوير القدرات مثلا؟
لاشك أن الإجابات على ما تقدم من تساؤلات، لن تكون على نسق واحد، لكنها حتما مختلطة (سلبا وإيجابا).
إن الأستاذ الجامعي مطالب أن يكون صاحب مستوى مهني أخلاقي عالٍ، ويجب أن تكون هنالك آلية للتأكد من الالتزام بهذا المستوى بصفة دورية. ويعجبني كيدر وميرك Kidder& Mirk 2004، حين يوجهان سؤالا من المهم أن يطرحه كل أستاذ جامعي على نفسه: "هل يجب أن نحرص على أن نكون لائقين أخلاقيا، مثلما نحرص على أن نكون لائقين صحيا؟".
إن على الأستاذ أن يقبل ويلتزم بحقيقة كونه أنموذجا أخلاقيا يُحتذى به على مدار الساعة يوميا. كما يجب أن تكون لديه القدرة على تبرير سلوكه وإيضاح القيم التي تدعمه، سواء مع طلابه أو مع أولياء أمورهم أو مع المجتمع ككل.
إن وعى المعلم وإدراكه للأخلاقيات التي تحكم ممارسته هو شغله الشاغل في قلبه وخلفية تفكيره، وهو يزاول مهنته بصورة تلقائية طبيعية (أخلاقيات مهنة المعلم في ضوء التحديات المستقبلية: د. منال عبدالخالق بتصرف).
ختاما، فليس أبلغ من الإعلان الصادر عن مكتب التربية العربي لدول الخليج حول أخلاق مهنة التعليم (إن التعليم رسالة يهون دون بلوغ غايتها كل غال، وإن المعلم مَثَل أعلى وصورة والديّة رحيمة أساسها المودة، مسؤول مسؤولية كاملة عن تنمية طلبته في جميع جوانب شخصياتهم، وهو في كل ذلك موضع تقدير المجتمع وصاحب رأى وإسهام في قضاياه ومشكلاته، وعليه بذل كل جهد ممكن للاستزادة العلمية في مجال تخصصه).. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store