Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حرب الشائعات.. حتى الفضاء !

تنتشر الشائعات بين العموم الذين لا يبحثون إلا عن عناوين مثيرة، ومانشتات جاهزة لإطلاقها وملء الفراغات بها، لا يبحثون عن الحقيقة ولا يأبهون بما وراءها، لكن شرارة ما يقدحها موقف مبهم، مظلم ليشتعل معها ال

A A
تنتشر الشائعات بين العموم الذين لا يبحثون إلا عن عناوين مثيرة، ومانشتات جاهزة لإطلاقها وملء الفراغات بها، لا يبحثون عن الحقيقة ولا يأبهون بما وراءها، لكن شرارة ما يقدحها موقف مبهم، مظلم ليشتعل معها الفتيل مضيئًا الركن المهمل فيدفع بالعامة عنوة (حريق.. حريق!) وتتسابق الطوابير القادمة تجاه الضوء/ الحريق محاولة قتل فضولها بطقوسه، ووسط المدينة، إذ لم يبق من ملامح الكون الفطري شيء يذكّر به يتباحث المسؤولون في مستقبل الزحام والبطالة، وينشغل العامة في تبادل الشائعات، ويجلس الجميع خلف شاشات الفضاء والإنترنت التي هُتكت لاستقبالها ستائر الأوزون، ويبدو حقا أن لا وقت، ويبدو أيضا أن لا أحد يحفل ولا أحد يفكر في ترك المدينة الصاخبة ومشكلاتها لبحث الشائعات في الصحارى القاحلة ركن مهمل، في العمق الأعلى للعالم الفطري، فوق القمم الشاهقة والزرقاوات النقية.
من يحفل بمن يسكن هناك؟ من يسأل عن مشاعره؟ من يتوقع أنه يستمع لصدى الشائعات؟
من ينتصر لجبروته المحبط؟ من يهتم بإقناعه أن هناك من يعرف الحقيقة ويؤمن بها؟
من يقرر مصادقته عن بعد؟ من يملك أن يمد يده للصحراء متجاوزًا المدينة وشبكات الطرق والفضاء ليضعها على كتفيه كأخ محب وصديق حميم فيقدح الشرار ويسعر الحريق في كبد الشائعات ليتركها رمادًا هشًا تذروه رياح الشموخ، ويعيد للحق نصابه وللتفوق جبروته.
على نحو كبير تذكرني قصيدة (يا عقاب) لخالد العتيبي بانتصار الحطيئة التاريخي لبني أنف الناقة الذين كانوا يخجلون من اسم قبيلتهم الذي جعلهم محل سخرية بين الأقوام إلى أن أحرق الشعر الشائعة وجعل الاسم المخجل مصدرًا للفخر والتفوق وإذا بمن يفكر بالسخرية منهم كأنما يرمي بنفسه في بحر من الرمال المتحركة اللزجة:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم
ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا (لله در الشعر!)
إذا كان بغيض بن عامر بن شماس كبير بني أنف الناقة قاده بعد نظره للجوء لدهاء الشعر وقلب العار فخرًا، فمن الذي أوفد كبير العقبان لصخب المدن وزحامها ليلجأ للشعر طالبًا النصرة، ليهب خالد العتيبي: أنا لها!
فيرحل متجاوزًا الأوزون وجداول الطرق والاتصالات والشائعات للصحراء محلقا مع العقبان بين الغمام ويحط معها في قممها الشاهقة ويغير معها ويصف معاركها كشاعر حرب مترافعًا باسم جيوشها، وليقلب بسحر الشعر هرم الشائعة ويعدل كفتي موازين الفطرة،
ويجعل قبائل الصقور التي عاشت زمنا في سكر الفخر وزحمة الألقاب تطأطئ خجلًا.
وقبائل العقبان ترفع رؤوسها وتخفق بأجنحتها العملاقة في أقاصي الفضاء فخرًا وزهوًا ساخرة من الشائعات ومروجيها، فمن يستطيع اللحاق بها بعد هذا النص/ الفجر؟.
القصيدة/ المرافعة:
يا عقاب مدري مدح والبستك اوشاح
والا الرموز يْحلها من طرقها
يا سيّد الزرقا تعلّي ومرواح
لن سقتها مع قبة الكون سقها
تكّي بصدرك للذعاذيع وارتاح
وافلج محاديب السحايب وفقها
خلّ السواري عنك وانزاح وانزاح
واعلا مراقيب على الجدي وقها
مثلك ليا ستّل جناحه مع الضاح
وارخى سمار الريش في معتلقها
استسلمت كل الجوارح لمن شاح
عنها وجدّد من علّوه رهقها
(مدري.. ولا) معادلة الحيرة!!
نُقْدم أحيانًا على بعض الأمور دون أن نعيَ ما الذي يدفعنا إليها؟!
لكن لا يمنع ونحن إزاء عبقرية الشعر أن نتهم (مدري) بما تشاؤه ذوائقنا فإساءة الظن هنا أمر مستحب لبحث حقائق الشعر وفحص شائعات الوهم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store