فتح اغتيال المُبتعثة السعودية ناهد المانع – رحمها الله – في بريطانيا ملف الابتعاث الخارجي مرة أخرى على مصراعيه ؛ فالمتوجسون من تداعياته السلبية – على حد زعمهم – وجدوا في هذه الحادثة مُدخلاً لنقد البرنامج في مُجمله وخاصة فيما يتعلق بإبتعاث العنصر النسائي .
بينما يراه الطرف المناهض لذلك بأن حادثة القتل تُعد حالة فردية لا يُمكن بأي حال من الأحوال تعميمها على سوء الابتعاث الخارجي ؛ مُدللين على ذلك بعدد المُبتعثين الإجمالي والذي فاق 150 ألف مُبتعث في كافة دول العالم بناءً على التصريح الذي أدلى به معالي وزير التعليم العالي في حفل الملحقية الثقافية لتخريج دفعة جديدة منهم بكندا في 21/3/1435هـ ؛ فليس – على حد ما قاله هذا الفريق – من المنطقي اختزال الإيجابيات المُتعددة للابتعاث وابتسارها في تجاوز فردي لحالة لم يُعرف حتى هذه اللحظة دوافعها ، بعيداً عن التكهنات التي أطلقها المُجتهدون عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي .
وبعيداً عن لغة التشنج والتعاطي غير الموضوعي الذي صاحب هذه الحادثة التي تألمنا كثيراً لما حدث فيها لطالبتنا السعودية المغدورة التي كانت تخطو خُطواتها الأولى في سبيل التحصيل العلمي تمهيداً للعودة لأرض الوطن للمساهمة في تنميته ، أرى بأن القضية يجب أن يتعامل معها - في البداية - كقضية جنائية من الممكن أن تحدث لأي مواطن في بلده ناهيكم عن حدوثها له في خارجه ؛ إذ ليس من المعقول أن يُصاحبها تهييج إعلامي وتحليلات تؤسس لأفكار غير صحيحة مثل القول بإجبار الجامعة المُبتعثة الطالبة منها على الدراسة في الخارج ، وكأن هذه الجامعة تُغرد خارج سرب بقية الجامعات في الوقت الذي يُعد هذا التوجه – الابتعاث – رؤية للوزارة ككل وينسحب على كل الجامعات وليس جامعة الجوف تحديداً ، كما أن المبالغة في التأويلات قد تنعكس – سلباً – على العلاقات الرسمية بين البلدين ، فالمُتتبع لبعض الأطروحات التي صاحبت الحدث تم إرجاعها إلى العنصرية ضد الإسلام دون وجود برهان قاطع على ما ذهبوا إليه ؛ فإذا كانت التحقيقات الأولية لم تظهر فمن أين أتوا بهذا الحكم ؟!!
إن المطالبة بتتبع من أقدم على هذه الفعلة الشنيعة ومعاقبته وفقاً لما اقترفه مطلب وطني وليس منحصراً على أسرة الطالبة المغدورة ، وقد قرأت تصريحاً للسفير السعودي أكد فيه لأسرة الطالبة بأنه يتابع القضية بنفسه ، ووجه بعدم أخذ الأخبار إلا من مصادرها الأصلية لكي لا يُفتح باب الاجتهاد وتوجيه التُهم جُزافاً ، لذا فإن التريث حتى تتضح الرؤية كاملة حول مُسببات الواقعة ، ودوافع الغادرين أمر في غاية الأهمية ؛ لنقول بعدها بأن القضية قضية رأي عام بناءً على معرفة هذه الدوافع ، أو أن تنحصر في كونها قضية جنائية بحتة ، أما أن يُحاكم الابتعاث كنافذة لتحديث الفكر الوطني في كافة جوانبه بناءً على حادثة واحدة فأرى أنها تهمة لا يمتلك من أطلقها أبجديات العدالة في سياقها المُجتمعي .
خالص التعازي للوطن في فقيدته الغالية " ناهد " وندعو الله أن يجعلها ممن ينطبق عليها قول المُصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم " مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ " .
الابتعاث الخارجي ... والمبتعثة المغدورة
تاريخ النشر: 22 يونيو 2014 04:35 KSA
فتح اغتيال المُبتعثة السعودية ناهد المانع – رحمها الله – في بريطانيا ملف الابتعاث الخارجي مرة أخرى على مصراعيه ؛ فالمتوجسون من تداعياته السلبية – على حد زعمهم – وجدوا في هذه الحادثة مُدخلاً لنقد البرن
A A