Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عذرًا يا سلطان

الحياة تتطلب منا أن نكتسب اختيارات وخبرات لابد منها، هذا التنوّع يجعل للوقت معنى، ذلك ما تعلّمته من الفصول الأربعة في حياتي، وهو نفسه ما أقاوم من أجله في حياتي اليومية، حتى لا أجد نفسي في لحظة ما تائه

A A
الحياة تتطلب منا أن نكتسب اختيارات وخبرات لابد منها، هذا التنوّع يجعل للوقت معنى، ذلك ما تعلّمته من الفصول الأربعة في حياتي، وهو نفسه ما أقاوم من أجله في حياتي اليومية، حتى لا أجد نفسي في لحظة ما تائهة عن نفسي، وعن زمني.
عشت طفولتي في بيت يُقدِّر الفنون بأنواعها، فجدّي حسني كابلي يعزف على آلة «القانون»، وأخي يعزف على «البيانو»، وفي بيتنا آلات الموسيقي غير مستهجنة وجودها.
تربّينا على تقدير الفن بأنواعه، فكانت تربيتنا أشبه بحبّات عنقود ماسي متماثل ومتطابق! وما أنسب هذا إلى قوة حجتي، ولكنِّي أنسبه إلى إيماني بالفن وأنواعه.
كان الاختيار تلقائيًّا في بيتنا للعزف على الآلات الموسيقية، وكان طبيعيًّا أن نعيش الحياة التي يحياها الآخرون في العالم، ولم أكن أشك في هذا الاختيار مثلما لم أكن أتردّد فيه، لأن في زمني كان يصدح صوت الفنان «عبدالله محمد»: (إيه ذنبي ليه بس يا أسمر) على العود، ولا أحد يراه منكرًا، ولا مجاهرة.. عندما أتذكر تلك الأيام أقول فعلاً: يا الله، كم ضيّقنا ما كان متَّسعًا.
اختيار أنواع الفنون الذي كان موضوعًا نصب أعيننا؛ لا أخشى التصريح به، والتأثر به في ثقافتي، وأعتذر لابن أخي سلطان الذي يعشق آلة العود، ويدندن بأوتاره، ذلك العود التي صُنع من جذوع الشجر، ليُلامس نغمه إحساس البشر.
أعتذر لسلطان؛ لأن بعض المحتسبين صادروا آلته وحطّموها وهو يعزف على رصيف مصيف الهدى، بعيدًا عن لظى الحياة، وأعين الفضول وآذانه، واقتادوه ليكتب تعهُّدًا على أن لا يُجاهر بالعزف على العود! فخطأ العزف توجب تبرئة ساحة النفس من وزره.
عذرًا يا سلطان، لقد أجبروك أن تخط بأصابعك التي تعزف على أوتار النغم!.
عذرًا يا سلطان يا ابن أخي، أخافوك يا صغيري.. انفجرت مشاعرهم بنوبةٍ عاصفة من الغضب الكاسح المزلزل لصوت نغم العود ليغتالوا فرحتك.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store