Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بين القيادة والتغيير في التعليم العالي

في مقالين سابقين تحدثت عن القيادة في التعليم العالي. وتمهيدًا لمقالي هذا الأسبوع أستهل بنقطتين مهمتين ممّا ذكرت في المقالين السابقين:
* نحن بحاجة إلى قادة قادرين على التجديد المستمر.

A A
في مقالين سابقين تحدثت عن القيادة في التعليم العالي. وتمهيدًا لمقالي هذا الأسبوع أستهل بنقطتين مهمتين ممّا ذكرت في المقالين السابقين:
* نحن بحاجة إلى قادة قادرين على التجديد المستمر.
* القائد هو ذلك الشخص الملهم لفريق عمله وموظفيه، للتفكير معه في التغيير والتطوير والتحديث، ولا يمنعهم من ذلك.
في محاضرته عن القيادة والتغيير يطرح ديفيد أوين David Owen الأستاذ بجامعة فاندربيلت الأمريكية سؤالاً ملحًّا هو Why Everyone Wants Innovation in Leadership but No One Wants to Change؟ وترجمته لماذا يريد الجميع الابتكار في القيادة، ولكن لا أحد يريد التغيير؟ وهذا يقودني لأن أطرح السؤال: هل هناك تلازم بين القيادة الأكاديمية والتغيير (التطوير)؟!
خلال السنوات العشر الأخيرة، شهد قطاع التعليم العالي قفزات تطويرية لا ينكرها إلاّ جاحد. لكن يبقى السؤال هل يكفي ما تم إنجازه؟ هل لدينا الرغبة والطموح للمزيد من التطوير (التغيير)؟! تأتي الإجابة السريعة، وأجزم أن كل قيادات التعليم العالي يتفقون معي فيها، وهي "نعم"!. لكن عن أي تغيير نتحدث؟ ولعلي هنا أشارك بطرح أتمنى أن يتحول إلى نقاش أكاديمي هادئ وهادف وبنّاء، يشارك فيه أصحاب الشأن على كل المستويات، بدون أية حساسيات أو حرج.
في محاضرته التي ألقاها بجدة عام 1426هـ بعنوان: "إدارة التغيير ومتطلبات التطوير في العمل الإداري"، يؤكد د. سعد بن مرزوق العتيبى - جامعة الملك سعود على مجموعة مهمة من المفاهيم تتلخص في:
* اتفاق أغلب الباحثين في مجال القيادة والتغيير مع (Burn 1978) على أن من مهام القائد الرئيسة تحقيق التغيير، وأن التغيير يتطلب قيادة.
* إن القدرة على التعامل مع التغيير بأسلوب فعّال يتطلب أسلوبًا قياديًّا، أطلق عليه Burn مُسمَّى القائد التحويلي. ومن أهم أنواعه: التغيير الإستراتيجي، والتغيير غير الإستراتيجي (Pettigrew, 1987)، التغيير الجذري، والتغيير التدريجي (Burnes, 1996).
وخلافًا لأنواع القيادة الأخرى كالقيادة الإجرائية (التبادلية، النفعية)، فإن القيادة التحويليةTransformational Leadership تمتلك رؤية إستراتيجية بعيدة المدى تبثها بين كافة منسوبي المؤسسة وتحفزهم لمناقشتها، ومن ثم القبول بها، وبعد ذلك تبنيها والدفاع عنها، حيث تصبح وقودًا فعَّالاً لحماس منقطع النظير يسري في أوصال المؤسسة، وينطلق بها نحو آفاق جديدة من الإبداع والتغيير والتطوير فيما يُسمَّى Transformational Change.
يمكن القول إن أفضل القادة هم الذين يحرصون على غرس وتنمية القيم التنظيمية، من خلال تطبيق وتعزيز مبادئ التغيير في ثقافة المؤسسة. ومن مهام ومسؤوليات قائد التغيير: قيام المدير بأدوار مختلفة أهمها: دور المدير المبادر، ودور المدير المتصل، ودور المدير القدوة (قيادة التغيير: نماذج وتطبيقات - هدى الحديثي، هيفاء المطيري).
إن مؤسسات التعليم العالي من أكثر مؤسسات الدولة ديناميكية، وسرعة في النمو والتطور. وفي نظري أنها مازالت تنمو وتكبر مع الأيام، وسوف يستمر هذا النمو ويتعاظم ما بقيت هذه المؤسسات. لذلك فإن القيادة التي تؤمن بالتغيير والتطوير هي التي ستقود دفتها نحو التفرد والتميز.
إن ثلاثية (القيادة التحويلية والتغيير والنجاح التصاعدي)، متلازمة تنطبق بحق على مؤسسات التعليم العالي. لذلك فإن كل قيادات التعليم العالي، خصوصًا الأجيال القادمة منهم، بحاجة ماسّة إلى دورات وورش عمل تحضيرية لترسيخ هذه المفاهيم، وذلك لكي تحافظ مؤسسات التعليم العالي على زخم نشاطها وتدفق عطائها غير المسبوق.
وختامًا فإن العمل القيادي في التعليم العالي لم ولن يكون (عملاً مصلحيًّا أو بيروقراطيًّا)، بل هو (منهج إبداعي وسلوك أخلاقي) توفّره مفاهيم القيادة التحويلية بكل جدارة.. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store