Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

غزة .. كل عام ونحن في عِزَّة

أستغرب كثيراً من بكاء أولئك المدافعين عن إسرائيل في ثياب غيرتهم على غزة، حين يتحججون بأنه لولا المقاومة لما سفكت إسرائيل الدماء، وقتلت الأبرياء، وأزهقت الأرواح، ولولا مدافعة الغزاويين عن أنفسهم لما هد

A A
أستغرب كثيراً من بكاء أولئك المدافعين عن إسرائيل في ثياب غيرتهم على غزة، حين يتحججون بأنه لولا المقاومة لما سفكت إسرائيل الدماء، وقتلت الأبرياء، وأزهقت الأرواح، ولولا مدافعة الغزاويين عن أنفسهم لما هدَّمت إسرائيل البيوت فوق ساكنيها، ورمت بصواريخها المستشفيات دون ذرة شفقة على مريض يئن، وجريح يُداوى.
أستغرب كثيراً من كل تلك الأقاويل التي تباكى بها أولئك الليكوديون العرب، الذين تناسوا في لحظة خزي وعار أن إسرائيل لم تتوانَ عن تدمير لبنان وفلسطين المحتلة طوال عشرات السنين ودون سبب حقيقي.
أستغرب كيف نسي أولئك حرب الكيان الغاصب لغزة في عام 2008م و2009م التي استخدموا فيها كل أنواع الغازات الحارقة والسامة.
كم أشعر بالأسى حين أقرأ تغريدة أو مقالاً خاوياً لأحدهم، يُساوي فيه بين القاتل والمقتول، بل ويلعب فيه على وتر التخويف من الدفاع عن غزة لأن فيه دفاعاً عن حماس. ألم يقرأ التاريخ ويستوعب دروسه؟ ألم يعرف رد معاوية بن أبي سفيان على إمبراطور الروم حين أراد أن يلعب على وتر الخلاف بينه وبين الإمام علي بن أبي طالب؟ أتساءل: كيف يُريد منا أولئك أن نساوي بين ظالم ومظلوم، بين قاتل ومقتول، بين مُغتصب ومَغصوب؟
القضية ليست قضية حماس وحركة الجهاد وغيرهما من حركات المقاومة، إنها قضية شعب بأكمله، تساوت لديه قيمة الحياة بالموت، بل صار الموت له أفضل من حياة لا كرامة ولا عزة ولا أمان ولا مستقبل فيها.
فالشعب الفلسطيني في غزة يعيش دون خط الفقر بمراحل عديدة، وليس بمقدوره الخروج من أرضه بأي حال من الأحوال، حتى حين حفر بأظافره في بطون الأرض، ليستنشق نسمة هواء تعينه على الحياة، كان قدره أن تكتم أنفاسه.
وفي المقابل يعيش الصهاينة حالة من الذعر كبيرة، وهلعاً شديداً، من صواريخ يطلقها المقاومون، وصفها الليكوديون في كتاباتهم بأنها "طراطيع" ليس لها أي تأثير، لكنها واقعاً قد منعت تحليق الطائرات في الفضاء الإسرائيلي، وألزمت اليهود الاختباء في الملاجئ ساعات طوالاً، وأدخلت الرعب في نفوسهم حتى باتوا يفكرون جدياً في المغادرة ويسعون لتحقيق ذلك هرباً ونجاة بأنفسهم.
وكل ذلك بسبب حفنة "طراطيع" في الهواء كما يقول أولئك، فكيف لو تمكن المقاومون من أسلحة أشدّ منها وأقوى؟ بل كيف سيكون حال الإسرائيلي لو استمرت المعركة مفتوحة لزمن أطول؟ حتما لن يمكنه الصمود، فلديه ما يخسره، ولدينا ما نكسبه بحول الله وقوته. كل عام وأنتم في عزة يا أهلنا بغزة .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store