أيها الأمين .. أيها المؤتمن .. أيها المجالس .. أيها المستمع .. احذر هذا إنه لسانك .. لسانك أمانتك , ذلك المؤشر لشخصيتك , ذلك المعرِّف لهويتك .. هذا فاتح الأبواب المغلفة , ومغلق الأبواب المفتوحة , فلكل شئ مفتاح واحد , ولكن من حكمة الله ـ جل وعلا ـ أن جعل لكل لسان بابين ؛ فأغلق هذين البابين على لسانك , ولا تتلفظ إلا بما ينفعك ويسعدك ويسعد مجتمعك , فاحذر من هذا المخلوق العجيب , واحذر مما تتلفظ به , فإن لم تحسن النطق فسوف تكثر الأخطاء التي ينتج عنها الشقاء ..
لسانك قد يرفعك ويسمو بك للمجد والعلا , ولكن .. ومن هنا يأتي التحذير .. إذا تركت له العنان وأفلتَّ له اللجام ؛ فإنه لا محالة سوف يرديك من قمم الجبال الشامخة فتتمزق , فاحرص كل الحرص على مابين الفكين , وهو لسانك , فإنه الصديق وهو العدو , لأنه دائما معك أينما كنت , وهو إما أن يكون لك كالأفاعى السُّود , وإما أن يكون لك كالعسل الصافي وكالرحيق الطاهر وكالماء الزلال , فإذا أحسنت ما تتلفظ به من ألفاظ أنت مخرجها من لسانك , فإنك ستكسب الأجر والمثوبة قبل أن تجني المصالح من وراء ما تنطق به , فأحسن النطق تعش سعيداً , وفي هذا الزمان نجد كثيراً لا يكترثون وليس لديهم إحساس ولا تبصر على ما يفضفضون به في أعمالهم أو مجالسهم , أو مع من يتعاملون معهم أو مع أبنائهم .. هنا نقول لهم : إن النطق سعادة , وإذا أتيت بالنصح والكلمة الطيبة لمن لا يقدرون النصح منك ولا يعرفون معنى النطق ؛ فقد ينفرون منك ويشعروك بأن هذا تدخل في شؤون حياتهم ؛ لأنهم ليست لديهم دراية ولا معرفة بالشؤون الحياتية , ولا يعرفون ما يبنى على الألفاظ في حياتنا .. هؤلاء قمم المشكلات في حياتنا , وعندما تتبادل مع هذا الصنف الأحاديث التي تصل إلى درجة الحساسية ؛ تجد أنه يعيش حياة نكدة , ولكنه يجعل العيب فيمن يتعاملون معه , ونسي تكوينه وما يثرثر به لسانه .. هنا تبدأ المشكلة الناتجة عن سوء النطق من هؤلاء , ولو حاولت أن تفهم ما تتلفظ به ألسنتهم , فسوف تنفر من هذه الفصيلة , وتتركها تصول وتجول في المجالس ؛ لأنهم نسوا أنهم أصحاب المنطق السيئ , وعلينا أن نقول لهم : يكفيكم من اللامبالاة وسوء الألفاظ ؛ لأن الخسران حينئذ سوف يكون حليفكم ولا تلوموا إلا أنفسكم , وليتكم تقفون لحظة مع أنفسكم وتحاسبوها ؛ لأنكم أضعتم هذه الأوقات الثمينة هدراً وبدون فائدة .
اللفظ أمانة .. وإذا أردنا أن نتكلم عن الأمانة فإن أمرها عظيم , فإذا عرف كل منا أنه من أهل الأمانة وأهل الصلاح والتقى ؛ فسوف يكون من عباد الله المقربين وقد أمرنا الله ـ عز وجل ـ بأن نكون أهل أمانة لما نسمع , والأمانة لها تبعاتها التي لا حصر لها , وما أثقلها وما أثقل تبعاتها على كل منا , ومن أهم الأمانات ألا نتجسس على الكرام وألا نغتابهم بألسنتنا , ولن يستقيم عمود حياتنا إلا بالوفاء والمحافظة على ما اؤتُمنَّا عليه .
وعلينا أن نتمسك بما أمرنا به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من فعل الخير , وأن نقدم النصح لمن يعاشرنا أو يجالسنا ؛ فهذه أمانة بأعناقنا نحافظ على ما اؤتمنا عليه في مجالسنا ؛ لأن المجالس فيها السرية والأمانة , ولا نسعى في أمر فيه مضرة على مجتمعاتنا , وإذا أحسسنا بالمضرة فعلينا بأن نخبر المسؤول للقضاء على هذه المضرة التي قد تلحق بمجتمعاتنا , وكما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «إِنَّ الْمَجَالِسَ ثَلاثَةٌ: سَالِمٌ، وَغَانِمٌ، وَشَاجِبٌ»رواه أحمد .
لسانك أمانة .. فانصح
تاريخ النشر: 05 أغسطس 2014 01:56 KSA
أيها الأمين .. أيها المؤتمن .. أيها المجالس .. أيها المستمع .. احذر هذا إنه لسانك .. لسانك أمانتك , ذلك المؤشر لشخصيتك , ذلك المعرِّف لهويتك ..
A A