Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

واتقوا فتنةً

اختزل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته التاريخية للأمة العربية والإسلامية، لُبَّ الأزمة التي تعيشها الإنسانية اليوم، جراء ما يحدث من ظلم وانتهاك صارخ لأهلنا في غزة، من قبل الك

A A
اختزل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته التاريخية للأمة العربية والإسلامية، لُبَّ الأزمة التي تعيشها الإنسانية اليوم، جراء ما يحدث من ظلم وانتهاك صارخ لأهلنا في غزة، من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، وما يحدث من مجازر وانتهاك للحرمات والأنفس في الشام والعراق، من قبل عدد من الجماعات الإرهابية، المدعية انتماءها لتعاليم الإسلام زوراً وبهتاناً.
اختزل كل ذلك في بضع كلمات عبَّر فيها بألم وحسرة عما يَجيش في نفسه من كَمد وحُزن على الحال الذي وصل إليه العالم اليوم، من بؤس وعناء، وسفكٍ للدماء، وإزهاقٍ للأرواح البريئة، دون أن يعمل القادة جهدهم لوقف كل ذلك، بدعم مشروع مكافحة الإرهاب، الذي يأتي على رأسه إرهاب الدولة، وهو ما يمارسه الكيان الصهيوني اليوم ضد الأطفال والنساء والرجال المدنيين بوحشية أمام مرأى العالم أجمع.
في افتتاحه واختتامه لكلمته بتلك الآيتين الكريمتين إشارة منه واضحة لكل الإنسانية، لكل قادة العالم وبخاصة أعضاء مجلس الأمن دائمي العضوية، بل لكل الصامتين المتخاذلين من عامة الناس ومتعلميهم، بأنه لن يكون أحد بمأمن في حال تفشي الظلم واستفحال شرره، إذ لا يعرف أحد كيف سيكون مسار النار حين يشتعل لهيبها.
كيف لا يكون ذلك! وعيوننا ترى ما لا يطاق من حصار غاشم عاشه أهلنا في فلسطين المحتلة، الذين يُرتكب في حقهم أبشع المجازر الإنسانية، فما أكثر الدماء التي سالت ظلماً وعدواناً، وما أعز تلك العيون التي جفَّت مَآقيها، وما أرحم أولئك الأيامى والثكالى والأطفال والرجال الذين شحبت أصواتهم صراخاً وعويلاً.
على أن الأكثر إيلاما وفتكاً بالنفس، حين يأتي أحدهم وقد استأنس التغافل عن رؤية كل ذلك، عن الإحساس بكل تلك الآلام، فيكتب بقلم بارد، ونفس ميتة، مُحمِّلا أولئك الضعفاء وزر دمائهم التي سُكبت في سبيل نيل بعض الكرامة والحرية المفقودة، دون أن يكلف نفسه توجيه بعض اللوم لمن أطلق مدافعه وصواريخه فوق المستشفيات والمدارس ودور العبادة ومنازل المدنيين الضعفاء، بل دون أن يأخذ على عاتقه التهديد بمحاكمة ذلك المعتدي الغاشم إن استمر في قصفه وعدوانه. هكذا هو الأمر في نظر أولئك المتكبرين الظالمين، ولهم وجَّه خادم الحرمين الشريفين قوله تعالى(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
أما غيرهم من الصامتين المتخاذلين، الذين يستمتعون بشربة ماء عذبة، ونسمة هواء عليلة، ويتفيأون في ظلال من الخير والنعمة، دون أن تهتز مشاعرهم لآلام غيرهم، ودون أن ترتعد فرائصهم مما يجري، فلهم وجَّه خادم الحرمين الشريفين مذكراً بقوله تعالى(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب). فهل نحن واعون مدركون؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store