Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وهل يمكن أن يتحوَّل موقف المملكة من القضية الفلسطينية؟!

ظهرت أقوالٌ تتّهم موقف المملكة بالتحوُّل المفاجئ عن القضية الفلسطينية، وإدارة الظهر لها، بل ومعاداتها، وإعانة العدو عليها؛ ما يجعل بعضهم يقف حائرًا مستغربًا أمام هذه الأقوال!!

A A
ظهرت أقوالٌ تتّهم موقف المملكة بالتحوُّل المفاجئ عن القضية الفلسطينية، وإدارة الظهر لها، بل ومعاداتها، وإعانة العدو عليها؛ ما يجعل بعضهم يقف حائرًا مستغربًا أمام هذه الأقوال!!
ألم يروِ لنا التاريخ قصة وفاء المملكة للقضية الفلسطينية، منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- ابتداء من مؤتمر لندن عام 1935م، المعروف بمؤتمر المائدة المستديرة، الذي اهتم بمناقشة القضية الفلسطينية؟ وعلى الصعيد الإنساني أرسل الملك عبدالعزيز ولي عهده الملك سعود لزيارة القدس، وتفقد أحوال الفلسطينيين، ومساعدتهم في محنتهم، ما كان له بالغ الأثر في نفس الشعب الفلسطيني، بل أمر الملك فيصل بأن تُوضع كافة القوات العربية السعودية بأقصى درجة الاستعداد للمشاركة في معركة العرب الكبرى، وبالفعل ذهب الملك فيصل لزيارة القدس، وشارك الجيش السعودي في حرب 1948م، واستمرت المملكة تساند هذه القضية على جميع الأصعدة (السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية)، إيمانًا منها بواجبها الديني والإنساني تجاه إخوانها في فلسطين.
وهل تنسى ذاكرة التاريخ قول الملك فيصل للرئيس الفرنسي شارل ديجول، حين حاول الأخير تحويل فكر الفيصل عن القضية الفلسطينية في قوله: (عليكم أن تقبلوا بالأمر الواقع، فإسرائيل لم تعد مزعومة -كما يقول بعض العرب- بل هي دولة قائمة في المجتمع الدولي، فكان رد الفيصل: إذا كنت تطلب منَّا يا فخامة الرئيس أن نرضخ للأمر الواقع، فلماذا لم ترضخ فرنسا لاحتلال ألمانيا؟ لماذا شكَّلتَ حكومة المنفى وكافحتَ حتى استعدتَ وطنك؟ وبعدها كان ديجول دائمًا يردد: الفضل لفيصل الذي أفهمني حقيقة قضية فلسطين).
مَن يمكنه إغماض عينه عن مساعي المملكة الحثيثة، واتصالاتها المكثفة مع الدول الغربية، والصديقة، والإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل لإلزامها بتنفيذ الشرعية الدولية ذات الصلة، التي تنص على الانسحاب الكامل من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967م، وحق الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة لهم عاصمتها القدس؟ وكم طالبت المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف الاعتداءات العدوانية المتكررة التي تقوم بها إسرائيل على الشعب الفلسطيني؟! كذلك أدانت المملكة بشدّة بناء إسرائيل للجدار الفاصل الذي يعزل أجزاء فلسطين عن بعضها، ويحرم المواطنين الفلسطينيين من ممارسة حياتهم الطبيعية. ويشهد على هذه المواقف المشرّفة الجهود المبذولة منذ مؤتمر مدريد، ثم مشروع الملك فهد للسلام، وحتى مبادرة السلام العربية التي اقترحها الملك عبدالله، ثم تبنتها الدول العربية مشروعًا عربيًّا موحدًا في قمة بيروت 2002م لحل النزاع العربي الإسرائيلي، ما يوفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة، وللشعب الفلسطيني خاصة.
من ذا يُصدِّق أنَّ المملكة العربية السعودية، التي دأبت طوال تاريخها بشد أزر الشعب الفلسطيني، وتعزيز صموده من أجل بناء دولته المستقلة، وممارسة حقه كشعب حر، أن تصبح هي المعول الذي يهدم حرية شعبٍ مظلومٍ، وتسمح بالمجازر البشعة التي سفكت دماء الأطفال والأرامل، وهدمت المنازل والممتلكات على رؤوس ساكنيها، وشرّدت المواطنين، وألقت في قلوبهم الرعب والخوف؟!
فهل يُعقل أن تتخلّى المملكة عن دورها الرِّيادي التاريخي للقضية الفلسطينية؟ وهل يُعقل أن ترضى المملكة العربية السعودية التي لُقِّب ملكها بملك الإنسانية بقتل الأطفال زرافاتٍ ووحدانًا، وهتك براءتهم؟ وهل يمكن أن نُصدّق أنَّ المملكة تسمع عويل الأمهات الثكالى، وأنين الشيوخ الركّع ولا تحرك ساكنًا؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store