رقصة «البطريق».. وافد فضائي يغزو قلوب الشباب

شهدت المناسبات التي تنظم في بعض مدن السعودية في الآونة الأخيرة، لاسيما حفلات الزواج ظهور وافد جديد عليها، لا تخطئه العين، حتى أصبح السمة المشتركة بينها، وهي تأدية الشباب رقصة تعرف برقصة «البطريق».
«المدينة» التقت خالد المنصور، أحد الشباب المشاركين في تأدية رقصة البطريق مقابل أحد المطاعم على كورنيش الخبر، الذي أشار إلى أن ظهور رقصة البطريق يعود لعام 1956م، من خلال برنامج تليفزيوني ألماني.
وأضاف أنه على الرغم من أن الموسيقى كانت تختلف حينها عن الحالي، إلا أن الرقصة مطابقة لما هي عليه الآن، لافتًا إلى البعض يرجع تاريخها لعرض فلكلوري فنلندي، فيما الاسم فهو ناجم عن مزج شاب ألباني الأصل للرقصة الفلكلورية بموسيقى من الفيلم الكارتوني الذي يتحدث عن البطاريق وقدم هذه الرقصة كهدية في حفل زفاف شقيقه في عام 2013م.

ترويح عن النفس
وألمح إلى أن الرقصة لم تسلم من تقليد الصغار وحتى الرضع، حيث بدأ الأطفال يقلدونها بمساعدة آبائهم وأمهاتهم الذين اعجبتهم هذه الرقصة، قائلاً: «أصبحت أيقونة للتعبير عن سعادة الشباب أثناء رحلاتهم البرية أو حتى في المدارس والطرق والبيوت وفي الأماكن العامة»، مؤكدًا أن الهدف منها هو الترويح عن النفس.
وذكر أن الرقصة ظهرت في بعض الدول منذ فترة ليست بالقصيرة، فيما بدأت بالظهور في السعودية خلال الأشهر الأخيرة من عام 2013م وبداية 2014م، مشيرًا إلى أن أكثر المناطق انتشار هي جدة والرياض والدمام وجازان وعسير.

أداء جماعي
فيما أشار الشاب علي الحمدي إلى أنهم يستغلون التجمعات الشبابية بتأدية رقصة البطريق، مبينًا أنها تحتاج من 4 إلى 8 أشخاص، وكلما زاد العدد تصبح الرقصة لها متعة خاصة.
وأفاد بأنها ظهرت في البداية عبر موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، بمقطع فيديو في إحدى حفلات الزواج العربية، حتى بدأت هذه الرقصة تستهوي المجتمع العربي، بعد أن عج موقع «يوتيوب» بمئات المقاطع المماثلة لها.

حفلات التخرج
أما الشاب علي الحمي مبتعث لدراسة الهندسة في الخارج فأكد أن هذه الرقصة انتشرت بين الشباب العربي والخليجي في الخارج، خاصة المبتعثين، مؤكدًا أنهم يؤدونها خلال حفلات التخرج، لافتًا إلى أنها تستهوي كذلك الفتيات، حيث وجدت قبولاً كبيرًا لدى الشباب في معظم دول العالم، لاسيما الشباب الخليجي.
بينما ألمح الشاب عبدالله مهند إلى أن أصل رقصة البطريق يعود إلى رقصة فلكلورية تسمى «ينكنا» اشتهر بها سكان فنلندا في المناسبات الاحتفالية، مثل الأعياد والأعراس.
ولفت إلى أنها انتشرت خلال الأسابيع الماضية بعد ظهور مقطع فيديو، أواخر سبتمبر من العام الماضي، يظهر أداء للرقصة بقيادة «بطريق» مرح في حفل زواج في ألبانيا.

حركات متناسقة
وعن طريقة تأدية الرقصة، ذكر أن المشاركين فيها يصطفون وراء بعضهم البعض، حيث يمسك كل شخص بخصر الثاني أمامه، وعلى ايقاع الموسيقى، يمضي في تأدية حركات متناسقة، تبدأ بركلتين سريعتين إلى اليسار، ثم إلى اليمين، ثم قفزة صغيرة إلى الأمام، تليها قفزة ثانية إلى الوراء لتنتهي بثلاث قفزات إلى الأمام مرة أخرى، ويكرر المشاركون هذه الحركات مرات عدة.

مصيرها الاندثار
أما الاختصاصي الاجتماعي والنفسي فوزي صادق، فقد أكد أن الرقصة تنتشر بين الشباب كالنار في الهشيم، متوقعًا أنها ستنتهي كغيرها من الظواهر والموضات التي تدخل بين سلوك المراهقين لفترة زمنية معينة، وتمارس حتى تصل إلى فترة ذروة، إلى أن تبدأ بالاندثار ليحل مكانها حدث جديد أو ظاهرة أخرى.
وحمل مسؤولية انتشارها إلى زيادة استخدام الشباب إلى الأجهزة الذكية، إذ أصبح لكل شاب وسائل إعلامية متعددة خاصة به، ويحرص على متابعتها أربعًا وعشرين ساعة، مما أوقع شباب العالم في دائرة التقليد بعد الإعجاب.
وأضاف أن عدم وجود الوسائل الكافية للترفيه الخاصة بالشباب في السعودية، تدفعهم إلى البحث عن وسائل أخرى، لكسر الروتين والخروج من الرتابة، خاصة أنه تنتشر اللافتات التي كتب عليها «ممنوع دخول العزاب»، وتغلق الأبواب أمامهم في معظم التجمعات الترفيهية والتنفسية والنوادي العامة والصالات الرياضية أو المجمعات الفنية والعلمية.

متنفس إلكتروني
وبين أن الإعلام الإلكتروني يعد المتنفس الكبير أمامهم، فاينما وقع بصره على ظاهرة أو حدث مسل نسخه وقام بتقليده بعد انتشاره، وهذا ما حدث لرقصة البطريق التي انتشرت بين أوساط الشباب في معظم المناسبات والتجمعات الكبيرة، وأمام الوجهات البحرية والرحلات البرية، وهي تعبير عن الفرحة بالرقص كما برياضة اليوجا.

جلب المعاصي
من جهته، اعتبر الشيخ الداعية سعيد القرشي رقصة البطريق دخيلة وخارجة عن عاداتنا وتقاليدنا، محذرًا منها لأنها تجلب المعاصي وتقليد للشعوب الأخرى، داعيًا الشباب بالتزام شرع الله تعالى، واتباع سبيل المؤمنين.
وحذر الشباب من الانسياق وراء هذه اللعبة والرقصة التي ليس لها أصل، لافتًا إلى أنها تسببت في وجود خصومة بين الناس كما حدث في عرس في الدمام بعد أن قام بعض أهل العريس برقص رقصة البطريق مما أغضب أهل العروس.