Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

متى ننتصر؟

في ظل حالة الضعف المستشرية في جسد الأمة العربية والمسلمة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والصناعية والسياسية، وفي إطار كثير من الجوانب الثقافية والمعرفية وحتى الاجتماعية، على المستوى الفردي والجماعي، يبر

A A
في ظل حالة الضعف المستشرية في جسد الأمة العربية والمسلمة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والصناعية والسياسية، وفي إطار كثير من الجوانب الثقافية والمعرفية وحتى الاجتماعية، على المستوى الفردي والجماعي، يبرز سؤال بات وجوديًا في ذهن كل منا، وأصبح هاجسًا نصحو ونبيت معه، وهو: متى يتغير حالنا؟ متى نحقق طموحاتنا؟ متى نصبح كغيرنا من الدول المتقدمة حضاريًا ومعرفيًا والأهم إنسانيا؟ باختصار: متى ننتصر؟
أجزم أنه السؤال الوجودي الذي عمل للإجابة عليه كثير من مفكري النهضة العربية منذ عهد محمد علي باشا وحتى اليوم، أي منذ عهد رفاعة باشا الطهطاوي الذي شده إعجابًا حالة التطور الثقافي والمعرفي والسلوكي بفرنسا في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، وكان قد ذهب إليها مرشدًا دينيًا للبعثة الطلابية المصرية، فعاد متفوقًا على من لازمهم، مبهورًا بما رآه وعاشه.
والأمر كذلك مع غيره من رواد جيل النهضة العربية كعلي باشا مبارك والشيخ جمال الدين الأفغاني وتلميذه الشيخ محمد عبده وتلميذه قاسم أمين، علاوة على فتحي زغلول وشبلي شميل وسلامة موسى وأحمد لطفي السيد وصولا إلى طه حسين والعقاد والمازني والأخوين أمين وغيرهم ممن قفزت عنهم سواء في مصر أو العراق أو بلاد الشام.
كلهم طرحوا نفس التساؤلات، وجميعهم أجابوا عنها بنفس الأفكار مع اختلاف في الأولويات. ومع ذلك فلا يزال التساؤل حاضرًا حتى اليوم ونحن ندلف الألفية الثالثة، وسيبقى حاضرًا طالما أن بوصلة الإجابة عليه غير دقيقة، والعمل التصحيحي يمشي في إطار من التفلت والتنازع بين مدرستين أصيلتين.
تمثلت الأولى فيمن أشرت إليهم وفي غيرهم من قرنائهم، أما المدرسة الثانية فقد تمثلت في إطار عديد من العلماء الإسلاميين الذين اختزلوا إجاباتهم في مضامين النص القرآني، وقدموا تصوراتهم للخروج من المأزق من خلال الاستدلال الظاهري ببعض الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث الشريفة.
وحتمًا فجميعنا يؤمن أن الإشكال ليس في النص القرآني المقدس، وإنما في سبل فهمنا وتفسيرنا له، وهو مكمن الاختلاف الحاصل. وفي كل فنحن كعرب ومسلمين لما نزل نبحث عن إجابة شافية تحقق المراد. فأين يكمن الخلل؟
لست هنا في موقع المنظر، كما لا أملك خريطة ناجزة للخروج من براثن الأزمة التي أفرزت لنا إرهابًا وقتلا وتشريدًا باسم الله والدين والله ورسوله بريئان منهم. وأفرزت في الشق الآخر حالة من التفلت الفكري والعقدي والسلوكي باسم التطور والحداثة وهما من أعمالهم براء.
في تصوري وأمام هذا المأزق نحن في حاجة اليوم إلى أن يعيد المفكرون والعلماء على مختلف توجهاتهم التأمل والتفكير في كل مخرجات آرائهم، رغبة في إيجاد رؤية وسطية جامعة، والأهم أن يتفق الجميع على ترتيب الأولويات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store