Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الديموعربية

تخيل معي عزيزي القارئ أسرة مؤلفة من أب وأم وثلاثة أطفال صغار وطرحنا عليهم من منظور ديمقراطي قضية مقايضة منزلهم مقابل أرجوحة فماذا ستكون النتيجة برأيك ؟
بكل بساطة ثلاثة أصوات ضد اثنين

A A

تخيل معي عزيزي القارئ أسرة مؤلفة من أب وأم وثلاثة أطفال صغار وطرحنا عليهم من منظور ديمقراطي قضية مقايضة منزلهم مقابل أرجوحة فماذا ستكون النتيجة برأيك ؟
بكل بساطة ثلاثة أصوات ضد اثنين
هذه هي الديمقراطية بأبسط أشكالها هي « ما تقرره الأغلبية «
وعندما تكون هذه الأغلبية - كما حدث في مثالنا السابق - غير مدركة لمصالحها فإن النتيجة ستكون مأساوية حتماً
وبما أنني كنت البارحة قد طرحت قضية إننا لا نستحق الديمقراطية
فإنني قد طولبت اليوم بالإجابة ...لماذا ؟
وبصيغة أوضح ..
لماذا نحن العرب لسنا ديمقراطيين ؟
كم يبدو السؤال قاسياً وموجعاً , وكم تبدو الإجابة عليه معقدة و شائكة .
و قبل أن نخوض غمار هذه الإشكالية علينا أن نتفق أن ما شهدته المنطقة العربية سعياً وراء الديمقراطية من ربيع بلا زهور ودماء بلا حدود قد أثبت بما لا يدعو للشك بأننا أبعد ما نكون عن الديمقراطية على الأقل في الوقت الراهن
وسيخرج طبعاً من القوم من سيقول :لقد دفعت أوروبا ملايين من خيرة أبنائها ودمرت مدنًا و بلداناً حتى وصلت إلى ما هي عليه !
وسأقول أنا أيضاً بدوري : ولماذا لم تفعل ذلك البرازيل والهند و ماليزيا و...و ان أوربا تجربة و ليست نموذجاً لابد أن يقتدى به و لكل مجتمع خصوصيته ..
و في الخصوصية العربية مربط الفرس .
المجتمعات العربية المسلمة تشكلت لديها قناعة بأن كل ما هو غير مسلم هو على خطأ , متناسية إن الإسلام جاء ليستوعب ما قبله لا ليلغيه,
إن فكر المسلم العربي الحديث يقوم على إنه المالك الوحيد و الحصري للحقيقة دون سواه وهذا أكبر معوقاتها
فالديمقراطية تقوم على قول الحقيقة .
ولا يمكنك ذلك قبل أن تدرب نفسك على سماعها
ثم تأتي الأبوية , فالمجتمع العربي مجتمع أبوي يقوم على سلطة الأب دون سواه , فمن منكم يقبل أن يناقش أولاده في القرارات التي يتخذها ؟
و إذا كنا لا نستطيع أن نكون ديمقراطيين في منزل صغير فكيف سنكون كذلك في مجتمع كبير .
ثم الطائفية وما أدراك , أعطني بلداً عربياً واحداً لا يوجد فيه قنبلة موقوتة تحتاج فقط لمن يعبث بعدادها ؟
الديمقراطية تقوم على قبول الآخر والطائفية تصل بنا حد إقصاء هذا الآخر ولو قمنا بقتله ! ..ألم أخبركم ذات مقالة إن داعش أتت من صميمنا.
و للجهل حكاية أخرى تشبه مقدمتنا حين فضّل الأطفال الصغارالأرجوحة على منزلهم !
ثم يأتي غياب دور المرأة والعصبية والقبلية والاقتصاد المتخلف والمتكلف ،والقائمة تطول و تطول ..
ألستم معي انه لا يمكن أن تقوم ديمقراطية في مجتمعات تشبه هذه
لهذا كله كان لدينا ديموعربية بدلاً من ديموقراطية .
إذاً ما الحل ؟
الحل ليس قبل أن نكتشف أن الديمقراطية ليست ضيفاً يحتاج إلى بطاقة دعوة إنما شخصاً من أفراد أسرتنا قد رجع من غيبته وهو يحتاج فقط الى مكان يستطيع أن يرتاح به ويستقر .
مكعب ثلج :
ورغم كل هذا ..أجفف وطني كقصيدة بللها المطر !

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store