Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بين الغيب والواقع ( 2ـ2)

( إن الإنسان قد يفوته من الخير ما يفوته أو يصيبه من الضر ما يصيبه بسبب جهله بما هو مغيب عنه ولو كان علم بما في الغيب لتوقى ما أصابه من الضر وحرص على ما فاته من الخير .)

A A
( إن الإنسان قد يفوته من الخير ما يفوته أو يصيبه من الضر ما يصيبه بسبب جهله بما هو مغيب عنه ولو كان علم بما في الغيب لتوقى ما أصابه من الضر وحرص على ما فاته من الخير .)
ولذلك قسموا العلم ثلاثة أقسام :
فمن علم القسم الأول طغى وتكبَّر , ومن علم القسم الثاني هدأ ولان , ومن علم القسم الثالث علم أنه لا يعلم شيئاً
وهنا علينا نحن ـ سائر البشر ـ بأن نعترف بأنَّ حجْبَ أمر الغيب عنَّا في حد ذاته قمة الحكمة والرحمة من الله ـ عز وجل ـ لنا ؛ لأننا لو اطَّلعنا على الغيب وعرفنا أننا سنُصاب ـ لا قدر الله ـ بمرض أو بمشكلة مالية أو بمكروه فيمن نحب ؛ فإن فترة الانتظار ما بين لحظة المعرفة إلى لحظة تحقق الحدث ستكون أصعب الفترات في حياتنا , وسوف تهاجمنا الهواجس والأمراض الفكرية من جرَّاء ذلك الانتظار , وسوف نظلُّ نفكر فيما سوف يحدث , ولسوف نهلك قبل تحقُّق الحدث .. أتوافقني الرأي ؟ نعم بالتأكيد ؛ فقد جاء النص القرآني الحكيم : " الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " سورة البقرة : [156] , فالقرآن الكريم يعالج أهم قضايا الإنسان .. الدنيوية والآخرويَّة والقدريّة منها .. إذا حلَّت بأي إنسان مشكلة أو مشكلات , وقد تكون هذه المشكلة هي المعضِلة التي تُفقده توازنه , وقد تغير من مفاهيمه الإنسانية والإيمانية ؛ لذا أمرنا الله ـ جل جلاله ـ أن نقول هذه الكلمات التي تقوم بالعلاج المبكر السريع ؛ لأن هذا هو علاجك أيها الشاطح الناطح , فيجب عليك أن تقول : " إنَّا لله وإنا إليه راجعون , قدَّر الله وما شاء فعل ,حسبي الله ونعم الوكيل , حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو ربُّ العرش العظيم , أستغفرك وأتوب إليك " وكن واثقاً بأنَّ القضاء والقدر بيد الله ,رضي الإنسان أم لم يرضَ , فأمر الله ـ تبارك وتعالى ـ نافذ في هذه الدنيا لا محالة, وكل إنسان تكفيه لُقيمات يقمن صلبه , ويجب على الإنسان أن يرضى بما قسم الله ـ عز وجل ـ وعلينا بالرضا بما هو مكتوب لنا ؛ فهذه قسمة لكل منا , وعلينا الالتزام بمثبتات الواقع الذي نعيشه , فأنت لا تستطيع أن تُسعد نفسك إلا إذا ارتكزت على إيمان قاطع , وإذا شقيت في هذه الدنيا فلا تلومنَّ إلا نفسك , فكن من أهل الاستقامة , واجعل صلتك بالله ـ تبارك وتعالى ـ قوية .. هنا قمة الفلاح والسعادة ,أما إذا ابتعدت عن أوامر ربك فالملامة حاصلة .
ولنعلم أن قمة المجد في حب المعرفة الصادقة التي لا تتعدى حدود الأوامر , فعلينا أن نبتعد عن المبالغات الزَّائفة التي لا تنفعنا ولا تغنينا , فكثيراً ما نرى الإنسان قادراً على تقديم النُّصح لغيره , وقد يعجز كثير منا عن تقديم النصح لنفسه ؛ وهذه تعتبر مشكلتنا الحالية , فعلينا أن نعمل على أخذ النصح والحكمة من كل جانب ولا نشطح مع أهوائنا , وإنما علينا أن نكبح هوى النفس ونعرفها بأن لها حداً معيناً يجب ألا تتعداه ؛ فإذا فعلنا فسوف نتعامل مع الأمور بأعين صادقة وبواقعية تعرفنا حدوداً لأهوائنا وتبين لنا الأمور بما لها وما عليها .
أخي القارئ : لنقرأ الكلمات بإمعان , ولنُمعن في التفكير فيما نقرؤه , ولنقرأ دائماً ما بين السطور وما خلف الكلمات , فالمعنى هو ما فهمناه وأدركناه مما قرأناه .
فاللهم ثبتنا جميعاً بنورٍ ومعرفةٍ منك يا نور السَّماوات والأرض .
ولنعلم أنَّ : اليقين الصادق بالله ـ تبارك وتعالى ـ هو قوَّتنا التي بأيدينا
واليقين بغيره تعالى هو السَّراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاَ.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store