Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل الـ «ريتويت» تأييد وقبول ؟

رغم حرصي الشديد على تذييل نبذتي التعريفية على صفحتي على تويتر بعبارة (صفحة شخصية ١٠٠٪)، إلا أن ذلك لم يكن كافياً ليشعرني بالاطمئنان التام بأن كل تغريدة أنشرها أو أعيد نشرها عبر خاصية الـ”ريتويت” لن يس

A A
رغم حرصي الشديد على تذييل نبذتي التعريفية على صفحتي على تويتر بعبارة (صفحة شخصية ١٠٠٪)، إلا أن ذلك لم يكن كافياً ليشعرني بالاطمئنان التام بأن كل تغريدة أنشرها أو أعيد نشرها عبر خاصية الـ”ريتويت” لن يساء فهمها وتفسيرها بشكل خاطئ من قبل متابعي صفحتي على أنها تعبر ولو بدرجة بسيطة عن رأي الجهة التي أعمل بها. هذا الحرص في رأيي الشخصي هو أمر مطلوب لعدة أسباب أبسطها أن الشخص -خاصة الإعلامي- لايمكن الفصل بسهولة بين آرائه الشخصية وآراء وتوجهات المؤسسة التي ينتمي إليها. مثال بسيط على ذلك هو المحرر أو الصحفي الرياضي الذي يغرد بشكل متعصب عن فريقه المفضل أو يقوم بإعادة نشر تغريدات متعصبة على صفحته. هذا التصرف سوف ينعكس سلباً على صحيفته والتي سيتم وصفها تبعاً لذلك بالتعصب والانحياز. المعلم أو الأستاذ الجامعي الذي تفيض تغريداته تطرفاً -أو انحلالاً- سوف يقدم أيضاً بالمثل صورة سلبية عن المؤسسة التعليمية التي ينتمي إليها.. وهكذا. هذا لايعني بالتأكيد أن يفقد الشخص قدرته على التعبير عن آرائه الشخصية، ولكن المهم ألا تفهم تلك الآراء بشكل خاطيء يسيء لجهة عمله أو للغير.
الكثير من المؤسسات الإعلامية العالمية وضعت سياسات صارمة مكتوبة بما ينبغي لموظفيها الالتزام به عند استخدامهم لشبكات التواصل الاجتماعي وبشكل خاص تويتر. الواشطن بوست مثلاً أصدرت دليل ارشادات يتضمن منع محرريها من نشر أي تغريدات يمكن تفسيرها على أنها تعكس انحيازاً سياسياً لجهة دون أخرى. وكالة "أسيوشيتد برس" أصدرت أيضاً دليل إرشادات خاصاً بإعادة التغريد على تويتر حذرت موظفيها فيه بأن إعادتهم لنشر أي تغريدة يمكن أن يؤدي الى تفسيرها بأنه تأييد منهم بما ورد فيها. مؤسسات إعلامية أخرى رأت أن الـ "ريتويت" ليس بالضرورة تأييداً وقبولاً، لكنها طلبت من محرريها التزام الحذر في التغريدات التي ينشرونها أو يعيدون نشرها. المعيار في ذلك هو أن ما لا يجوز كتابته على صفحات الجريدة أو قوله على الهواء لا ينبغي التغريد به على تويتر.
جولة سريعة على صفحات الإعلاميين وغيرهم على تويتر يتضح منها قيام كثير منهم بكتابة عبارات مثل "صفحة شخصية"، "هنا أمثل نفسي فقط"، "الريتويت ليس قبولاً بالضرورة". سمعت آخرين يقولون بأنهم أحياناً يعيدون نشر تغريدات ليس تأييداً لها، بل العكس تهكماً بها، أو لمجرد رغبتهم في إطلاع الناس على ما تحمله من أخطاء. والحقيقة أن كل هذا قد لا يكون كافياً، حيث أن هناك أشخاصاً معروفين لدى الناس بصفاتهم الوظيفية وليس الشخصية، كما أن كتابة عبارة "صفحة شخصية" أو "الريتويت لا يعني القبول" قد لا تكون كافية لأن المتابعين تمرُ عليهم كثير من التغريدات التي يقرأونها دون أن يكونوا أصلاً قد شاهدوا تلك العبارات المكتوبة بجوار اسم المغرد الذي قام بكتابتها.
أمر آخر ينبغي على الجميع معرفته حول ذلك هو تصريح المتحدث الرسمي لوزارة العدل بأن "الإسهام في نشر الحسابات والمعرفات الخاصة بالمحرضين على الإرهاب والعنف وإعادة تغريدها في وسائل التواصل الاجتماعي سيدخل ضمن نطاق نظام مكافحة الإرهاب لما فيه من ترويج للأفكار الإرهابية والإعانة عليها". بعض القانونيين أضافوا على ذلك بأن إعادة تغريد أي معلومة حتى وإن كانت علمية أو دليلاً من القرآن والسنة لحساب ارهابي فهي إسهام في نشر الحساب بشكل غير مباشر ينطبق عليه نظام مكافحة الإرهاب.
إن حرص الشخص على تحري صدق المعلومة التي يغرد بها على تويتر أو ينقلها عن الغير، وعدم تضمن تلك المعلومة إساءات أو مخالفة للنظام أو إضراراً بالمجتمع، هو مسؤولية وواجب لا يتعارض مع حرية التعبير أو رحابة شبكات التواصل خاصة مع التحول الحالي لتلك الشبكات الى أدوات بيد المتطرفين والحزبيين ودعاة التفسخ والانحلال وانتشار المعلومات المزورة والمغلوطة. هذا الحرص في الواقع ليس مستحدثاً علينا بل هو جزء أساسي من قيمنا وأخلاقنا التي تأمرنا بتحري الصدق والعدل في كل ما نقول وننقل.
ختاما:
يقول الشاعر:
وَكَائن تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِـبٍ
زِيَـادَتُهُ أَو نَقْصُـهُ فِـي التَّكَلُّـمِ
لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُـؤَادُهُ
فَلَمْ يَبْـقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالـدَّمِ
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store