Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الضميروالحياة ( 1 -2 )

قال تعالى : ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى))[النازعات:40-41] الضمير شجرة طيبة فإذا عاش الإنسان بضمير حي نقي نظيف من الأحقاد

A A
قال تعالى : ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى))[النازعات:40-41] الضمير شجرة طيبة فإذا عاش الإنسان بضمير حي نقي نظيف من الأحقاد , بعيد عن النميمة , عامل بما أمر الله ـ عز وجل ـ ؛ فقد أحيا هذه الشجرة العطرة في هذه الرُّوح . إن الرُّوح فيها مزيج من الخيرات , فلماذا تُفسد الضمير الحي وتلوثه وتميته ؟ إن كلاً منا إذا أحيا ضميره فقد أيقظ فكره وطهَّر قلبه وارتاحت نفسه , فعلينا إيقاظ الضمائر وتنقيتها من كل ما يلوثها , فإذا تلوث الضمير فقد تلوث الإنسان , والإنسان بدون ضمير يعيش بروح مظلمة يشمئزُّ منه سائر البشر , فنقِّ ضميرك تكن عضواً صالحاً مفلحاً منتجاً , فبنقاء ضميرك تحيي ذكراك , فابعد عن تلوث الضمير , وإياك وأن تستمر في التلوث , فإذا استمرأت التلوث فإنك سوف تتحمل آثاماً كثيرةً , ويصبح ما حل بك عدوى على المجتمع ؛ فسوف تتحمل إثم من لوثت ضميره .
فالخوف من الله ـ عز وجل ـ صحوة عطرة وثمرة طيبة , فإذا ثبت بأصلك وتأصل في قلبك فهو يمتد في عروقك وإلى جميع جوارحك , وسوف تأتي أعمالك بثمار صالحة , وأقوال رابحة , وسلوك قيم , وأفعال يستفيد منها كل من يعاشرك , فإذا عشت بضمير حي فسوف ينقى فؤادك , وتزكو نفسك , وتبعد جميع جوارحك عن عيوب الآخرين , وسوف تسمو نظرات المخلصين , وإذا خاف المرء من ربّه أخاف منه كل شئ , فالضمير الحي نعمة من الله ـ عز وجل ـ فاغتنم أيها الإنسان حسن الضمير لتجد المقابل من الله ـ تبارك وتعالى ـ والضمير الحي يتمتع بالنقاء والصفاء .
وقد قال حكيم : " الضمير الحي مرآة , لو التمس فيها المرء عين الحقيقة لرآها " فهل فكرت يوماً في أن تنقي ضميرك مما يشوبه ؟ لا تتعجب من سؤالي ؛ فكل ما أقصده هو مناشدة الضمير , وإياك أن تهمش الضمير فإنه كالروح في الجسد ؛ فإما أن يعطي خيراً , وإما أن يموت فتجني ثماره إن خيراً فخير وإن شراً فشر , فمخافة الله تعالى في شتى حياتك هي رأس الحكمة , ومخافة الله ـ عز وجل ـ قد توجدها في ضميرك وقد تميتها , فمن مات ضميره فقد ماتت مخافة الله داخل روحه ؛ فعلينا أن نكون أصحاب ضمائر حية إذا أردنا حياة كريمة قال تعالى ((فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) [الحج:46]. .
ولهذا عليك أيها الإنسان أن تسأل النفس كلما أصبحت : ما مقدار تألمك عند وجود خطيئتك بالأمس ؟ فاحذر من اليوم الذي يليه فلا تكرر غلطة الأمس , وكما قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كَذُباب مرّ على أنفه، فقال به هكذا .. قال أبو شهاب : بيده فوق أنفه ) رواه البخاري
فعلينا أن نقف لحظة فإذا كان ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ صحابياً جليلاً , ورجلاً أعطاه الله ـ تبارك وتعالى ـ من العلم والورع ومن صحوة الضمير الشئ الكثير .. فكيف بنا ؟ للأسف فإن بعضاً منَّا يرى خطيئته أو موتة ضميره كأنها ذبابة مرت حول أنفه فقال بها هكذا , أي يشير بحركة يديه لإبعادها .. شتَّان بين هذا وذاك , وليتنا نسأل من ماتت ضمائرهم : هل يتألمون عندما يعتدون على حقوق البشر ؟ هل يحسون أو يشعرون بضيق الصدر , أو شح النفس أو إلتهاب أجسامهم , أو تنتابهم الرعشة لحظة افتقادهم لضمائرهم ؟ فالمطلوب منا تنقية الضمائر وألا نميتها , فإذا أخطأنا على الآخرين فعلينا أن نبادر بالاعتراف وإعطاء كل ذي حق حقه , وألا تأخذنا في الله ـ عز وجل ـ لومة لائم في كل حق ليس لنا , وأن نبعد عن أنفسنا وضمائرنا الكبرياء الزائف الذي يمنعنا من طهارة القلب وإحياء الضمير , ولو أردنا الأكثر فعلينا بتزكية ضمائرنا مما يدنسها من عذابها وقت الخطيئة ..
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store