Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

البروفيسور.. ولغة الإقناع

كنا في زيارة لجامعة الملك سعود، حيث التقينا ومجموعة من المراجعين معالي مدير الجامعة البروفيسور بدران العمر في أول يوم دوام للطلبة، وكان معاليه قد عاد لتوّه من سفر طويل، والذي رغم العودة في صباح يوم

A A

كنا في زيارة لجامعة الملك سعود، حيث التقينا ومجموعة من المراجعين معالي مدير الجامعة البروفيسور بدران العمر في أول يوم دوام للطلبة، وكان معاليه قد عاد لتوّه من سفر طويل، والذي رغم العودة في صباح يوم الأحد بداية الدوام الرسمي إلاّ أن البروفيسور كانت أبواب مكتبه مفتوحة، واستقبل جموعًا غفيرة من المراجعين، وقد تبيّن لي أن هناك أيامًا مخصصة للقاء المراجعين مع مدير الجامعة، ليس من ضمنها اليوم، إلاّ أن البروفيسور بدران أصرّ على الاستماع والتفاعل مع بداية أول يوم دوام.
لم أستطع أن أغادر الاجتماع والوفود تتوالى وفدًا بعد وفد، وجميعهم ممّن لم يُقبل أبناؤهم في أعرق جامعة سعودية وأقدمها، الكل يريد أن يفهم لماذا لم يُقبل أبناؤهم؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟ العديد منهم قد حضر ومعه شفاعة مؤمل النفس أن تلقى الموافقة، لكن ما حصل أن البروفيسور ليس فقط كان حازمًا صارمًا بمهنية عالية، بل أيضًا كان واثقًا ودودًا مقنعًا في طرحه ورفضه.
جامعة الملك سعود لها مكانة مرموقة، ولا يمكن السماح بأن تنخفض معاييرها، هذه هي رسالة البروفيسور للأهالي الذين ما أتوا حقيقة إلاّ لرغبتهم الشديدة، وحبّهم للجامعة، لكنه النظام والمعايير، هناك طاقة استيعابية لكل جامعة مع بداية السنة الدراسية الجديدة لا يمكن تجاوزها، وإلاّ وجدنا طلابًا بلا مقاعد، بلا مدرسين، وبلا إمكانيات موفرة لهم، ولكي يكون الأمر عادلاً، والفرص متكافئة، فلقد وضعت معايير لقبول الطلبة تم برمجتها إلكترونيًّا، وعند إدخال المعلومات فإن الكمبيوتر يقوم باختيار المقبولين وفق هذه المعايير، والكمبيوتر جهاز لا يعرف المحاباة، ولا المجاملة، ولا حتى الأسماء، فقط أرقام ومطابقة. البروفيسور أوضح للجميع أنهم كلهم شركاء في مسيرة استمرار تميّز جامعة الملك سعود بين جامعات العالم كله، وأن أي خلل في هذا المجال سيؤثر عليها كثيرًا، خاصة وأن الجميع من المقبولين فعليًّا هم من أبناء الوطن، ولهم الأحقية بالتساوي.
ما أعجبني حقيقة في البروفيسور هو ليس فقط تمسكه بالنظام، بل أسلوبه الحواري في محاولة حل مشكلة كل والد بأن يقترح عليه أين يمكن أن يقبل ولده، وكان عمليًّا حين أكد على أن الفرص لا تنتهي هنا، بل هناك مجالات وجامعات ودراسات عديدة أمام الطلبة، لم أرَ رجلاً واحدًا يغادر القاعة إلاّ وهو مقتنع بكلام البروفيسور، ومتأملاً خيرًا بالقادم، حتى الذين كانوا يحملون معهم خطابات شفاعة، فإن البروفيسور في اعتذاره كان يؤكد أنه سوف يقوم بالاتصال بمرسل رسالة الشفاعة، والاعتذار منه والتوضيح له مراهنًا على تفهمهم جميعًا، والأهم حبهم لهذا الصرح السعودي العلمي الشامخ.
نموذج جديد وجدته في وطني السعودية، نموذج يستحق أن نعممه في الالتزام بمهنية العمل، وبنفس الوقت استخدام اللغة المناسبة لمخاطبة تنوعات عقول وثقافات الناس، وكلهم يظن أنه على حق، إلاّ أن النظام حين يحقق معادلة العدل والمساواة، فإن الجميع عليهم أن يحترموه، وأن يساهموا في تطويره، وليس مخالفته، أتمنى أن تتطور جامعة الملك سعود أكثر وأكثر؛ لتصل إلى طاقات استيعابية أكبر لتحقيق أحلام الشباب السعودي، لكن اليوم نحن مع الواقع، والواقع يقول على لسان البروفيسور: أعتذر منكم، لكني معكم، ولست ضدكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store