Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

متى نتخلص من عقدة النقص؟!

نعم، متى نتخلص من عقدة النقص، وجلد الذات، التي يسعى المغرضون إلى تجذيرها في أعماقنا؟

A A
نعم، متى نتخلص من عقدة النقص، وجلد الذات، التي يسعى المغرضون إلى تجذيرها في أعماقنا؟ فإذا كنَّا نحن أبناء الجيل الذي يعي كثيرٌ منّا معنى التغريب، ونفهم أساليب الأعداء في محاولات الإطاحة بنا، وسعيهم لسلخنا من ديننا وهويتنا، نصدّق كل ما يقوله المغرضون دون تفكير، فما بال حال كثير من أبناء هذا الجيل المغرَر به، الذي أصبح مهووسًا بالغرب، ويعتقد أنَّه هو قدوته، فأصبح من السَهل تحريضه على دينه، ووطنه، وتأليبه عليهما.
علينا أن نستيقظ، ونتنبّه، وننبّه بعضنا بعضًا حول ما يُكتب ويُرسل لنا، وأن نُفكِّر بوعي، وأن لا نصدّق كل رسالة تأتينا، ولا يغرينا ما يُقال أنَّها صادرة من جامعات غربية عريقة، وأنَّها دراسات تعتمد على الإحصاءات العلمية الدقيقة، ونحن لم نرَ تلك المعايير التي نشأت عليها تلك الإحصاءات.
خذ مثالاً على ذلك، ما ينتشر على صفحات التواصل الاجتماعي من أنَّ جامعة واشنطن الأمريكية رتّبت الدول على أساس التزامها بمبادئ الإسلام، فقارنوا بين (218) دولة، على أساس تطبيقها لـ(113) مبدأ إسلاميًّا مستمدًا من القرآن والسنّة -على حد زعم الجامعة- وذكر التقرير أنَّ الذين قاموا بالبحث مجموعة باحثين مسلمين، وغير مسلمين، وكان الهدف منه معرفة وتحديد مفهوم (إسلاموية) الدول، وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا، فأصدروا قائمة أولى في عام (2010م)، لأكثر الدول اتباعًا لمبادئ الإسلام، وقائمة محدثة لهذا العام (2014م)، فاستمع أخي القارئ لنتيجة هذا البحث، حيث احتلّت الصدارة في القائمة الجديدة: إيرلندا، الدنمارك، لوكسمبورج، السويد، والنرويج على أنَّها أكثر الدول التزامًا بمبادئ الإسلام، أمَّا الدول الإسلامية فجعلوا الكويت تحتل المرتبة رقم (50)، وجعلوا بلاد الحرمين الشريفين رقم (131)، أي أقرب إلى ذيل القائمة، وجعلوا الدولة الصهيونية التي ملأت الدنيا بجرائمها، وسفكها لدماء الفلسطينيين الأبرياء، وتشريد الأطفال والنساء والشيوخ، وهي سبب كل بلاء في العالم، تحتل المرتبة (29).
ما المعايير التي وضعها هؤلاء الباحثون؟! لا شك أنّهم وضعوا المعايير التي تفرز لهم النتائج التي يريدون، وإلاَّ كيف تكون الدنمارك التي أساءت للنبي صلى الله عليه وسلم، وجعلت الحديث المفترى عليه هو من حرية الرأي، كيف تكون في مقدمة القائمة؟ فعدم توقير الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يجعل وجهًا لمقارنة الدول الإسلامية بغير الإسلامية.
إنَّ الباحثين الذين نُعتوا بأنَّهم مسلمون هم من الطوائف المعادية لأهل السنة، ولهم عقائد وأفكار لا تنتمي للفكر الإسلامي المعتدل.
ليتنا نبتعد عن تلك المقولة الشائعة مهما كانت مكانة قائلها: في الغرب إسلام بلا دين، وفي بلاد الإسلام دين بلا إسلام. فهي نظرة تقديسية للغرب، ونظرة دونية لذواتنا، فقد سلطت الضوء على إيجابيات بعض أفعال الغرب وأخلاقياتهم، وغضت الطرف عن ما تمتلئ به ديارهم من سلبيات تطفح بالجرائم والفواحش، كذلك أشاحت بوجهها عن ما نتمتع به من عظيم الأخلاق الإيجابية، وسلطت الضوء على السلبيات البشرية الموجودة في كل المجتمعات.
ليتنا نعي ونفكّر قبل أن نردد أقوالاً تجعل أعداءنا يتجرَّأون علينا، ولا تثمر إلاّ الإحباط.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store