Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أرامكو وبناء المعرفة

كان شعورًا لا يوصف وأنا أتابع خلال الأسبوع المنصرم الترتيبات النهائية لمسابقة "أنا أقرأ"، التي نظمها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي بأرامكو، حيث تنافس 18 متسابقا ومتسابقة أمام جمهرة المتابعين، عارضين بش

A A
كان شعورًا لا يوصف وأنا أتابع خلال الأسبوع المنصرم الترتيبات النهائية لمسابقة "أنا أقرأ"، التي نظمها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي بأرامكو، حيث تنافس 18 متسابقا ومتسابقة أمام جمهرة المتابعين، عارضين بشكل مبدع شيئا من قدراتهم المعرفية، من خلال تقديمهم قراءة مختارة لكتاب، ليكون سفيرهم الذي يرجون الكسب به أمام لجنة الحكم وجمهرة المتابعين من مختلف الأطياف المعرفية والعمرية ذكورًا وإناثًا.
وأصدقكم القول إن سعادتي كانت كبيرة بالحدث، من حيث دقة تنظيمه ومهنية إخراجه، علاوة على براعة المتسابقين في عرض مجمل أفكارهم، ومقدار ثقتهم بأنفسهم؛ لكن جوهر سعادتي قد تمثلت في نوعية اختيارات الكتب والروايات من قبل أولئك الشباب، التي تراوحت بين عنوانين رئيسيين:
ثانيهما: المعرفة من حيث بعدها الفلسفي، التي أبدع بعض المتسابقين في تقديم ملخص واف عن محتوى ما قرأه من كتاب فلسفي. هذا الأمر يدعونا إلى أهمية أن نلتفت كمؤسسات تعليمية لبناء وتعزيز هذا النسق المعرفي، لكونه يمثل قاعدة رئيسة في طبيعة البناء الفكري السليم، ويشكل رافدا قويا من روافد المعرفة المنهجية الصحيحة، وفي المقابل قد تكون الفلسفة عامل تشتيت لمن يقرأها بعيدًا عن معلم قدير قد خبر العلوم، وأتقن التأمل فيها، ومجموعة خلاقة تعشق سبر أغوار المعرفة بحثًا وتنقيبًا عن جواهرها الثمينة.
أما أولهما: فقد تمثلت سعادتي في حجم حضور فلسطين بآلامها وأحزانها، في ذهن عديد من الشباب والشابات، لاسيما في المرحلة المتوسطة، حيث قدم بعض منهم قراءات متنوعة في عدد من الروايات التي تحكي واقع الأزمة الفلسطينية، وتعكس شيئًا من عذابات أهلنا هناك؛ وبالرغم من مرارة حالة الشتات، وقسوة الغربة الدامية، لكن أملهم ظل قائمًا في صدورهم، يصلب قاماتهم، طالما أن مفاتيح بيوتهم المدمرة والمغتصبة لا تزال معلقة في أعناقهم.
ما أجمل تلك الروح الطفولية التي ترقرقت معها أعين أولئك الشباب، والعزيمة الشبابية التي وضحت في نبرات أصواتهم، وهم يقرؤون ملخصات أوراقهم. وكم كنت أتمنى أن يكون معنا أولئك المراهنون على انتهاء جذوة القضية الفلسطينية من نفوس أبنائنا، ليسمعوا ويروا سفراء هذا الجيل وهم يجلجلون بأصواتهم قصة معاناة أهلنا في فلسطين، فيدركوا أن ثوابت الأمة لا يمكن أن تتزحزح، وأن الحق ثابت وإن تقادمت السنون، وأن شعلة مقاومة العدو الصهيوني قائمة، والرهان خاسر على انطفاء جذوة لهيبها.
بقي أن أشير إلى أن مسابقة "أنا أقرأ" قد شملت قرابة ستة آلاف طالب وطالبة، ترشح منهم 40 متسابقًا، ليترشح منهم 18 متسابقًا موزعون بالتساوي بين المتوسط والثانوي والجامعي. شكرًا أرامكو من الأعماق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store