Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

في محاولات الأسد وإيران اختراق المسيحيين العرب وتوظيفهم

منذ ثلاثة أسابيع، وفي يوم ذكرى أحداث سبتمبر المعروفة، اجتمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض مع مجموعة من البطاركة والكرادلة الكاثوليك والأرثوذوكس المشرقيين، حصل اللقاء بعد اجتماعٍ آخر لهم

A A
منذ ثلاثة أسابيع، وفي يوم ذكرى أحداث سبتمبر المعروفة، اجتمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض مع مجموعة من البطاركة والكرادلة الكاثوليك والأرثوذوكس المشرقيين، حصل اللقاء بعد اجتماعٍ آخر لهم مع مستشارته للأمن القومي كوندوليزا رايس، وكان يهدف إلى مناقشة وضع المسيحيين في المشرق العربي وما يتعرضون له من انتهاكات واضطهادٍ وتهجير.
سبق اللقاء مؤتمرٌ لمدة ثلاثة أيام في واشنطن العاصمة بعنوان: (حماية المسيحيين في الشرق) دعت له (المؤسسة الأمريكية للدفاع عن المسيحيين) أوIDC.
حضر اللقاء مجموعةٌ من أبرز رجال الدين المسيحي في لبنان وسوريا والعراق في مقدمتهم البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، وحسب وكالات الأنباء، تقدم الحضور في المؤتمر ممثل بابا الفاتيكان الكاردينال ليوناردوساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية، ومجموعة كبيرة من رجال الدين والسياسة والدبلوماسيين والمنظمات العاملة في الشؤون المدنية وحقوق الإنسان والمؤسسات الاعلامية والأكاديمية.
وقد بدأ المؤتمر أعماله في قاعة أومني شوريهام بصلاة من أجل السلام في العالم، ثم الصلاة على أرواح شهداء الشعب المسيحي في الشرق الأوسط، ثم تليت عدد من الكلمات كانت في مقدمتها رسالة البابا الموجهة الى المؤتمرين التي أعرب فيها عن تضامنه لمعاناة المسيحيين، ودعوته الى دعم حقوقهم، كما استعرض بقية المتحدثين محنة المسيحيين في الشرق الأوسط، وأهمية مواجهة العصابات التكفيرية وإنهاء وجودها، وإيقاف كافة أنواع الدعم الذي يقدم إلى (داعش) وعلى كافة الأصعدة الاقتصادية المالية والعسكرية، والبحث عن أسباب الصمت الدولي حول اضطهاد تنظيم داعش الإرهابي ضد أتباع الديانات الأخرى، وناشدوا المجتمع الدولي بالتضامن مع محنة المسيحيين والدفاع عنهم.
إلى هنا، قد يبدو الخبر طبيعيًا مع ما يسمعه الجميع عن ممارسات (داعش) تجاه الأقليات، وإن كانت ممارساته تجاه من يُفترض بهم أن يكونوا (الأكثرية) لا تختلف بدرجةٍ كبيرة.. لكن الأهم في الموضوع يكمن في ملاحظةٍ؛ انتبه إليها؛ ونَشَرها في أكثر من موقع (جون حجار) عضواللجنة التنفيذية لرابطة المسيحيين المشرقيين، حين قال: "إن أغلب العاملين على إنجاح المؤتمر لهم نوايا حسنة، ولكن يجب أن يعرف الشعب الأمريكي بأن تركيز IDC على عنف داعش، أدى بقصد أو بدون قصد، إلى استغلال كلا النظامين الإيراني والسوري وكذلك حزب الله (حالش) لأهداف هذا المؤتمر".
وعلى سبيل تأكيد رأيه، تحدث حجار عن "إغفال المؤتمر لاضطهاد النظام الإيراني للمسيحيين الإيرانيين" قائلًا: "العديد من الأمريكيين مطلعون على قضية القس سعيد العبادي (العبيديني) المعتقل في السجون الإيرانية وقد كانت جريمته هو تحوله إلى المسيحية، هناك أيضًا العديد من القسس والناشطين وقد اغتيلوا وعذبوا وسجنوا لسنوات عديدة، كان على مؤتمر واشنطن أن يدعو بعض الإيرانيين المسيحيين وضحايا آخرين ليشهدوا على عنف نظام آيات الله ضد مجتمعهم"، هذا إضافةً إلى معاناة المسيحيين بطوائفهم المختلفة في العراق من ممارسات الميليشيات الشيعية الطائفية على مدى الأعوام الماضية.
بعد هذا، استغرب حجار كيف "أغفل المؤتمر الوحشية الواسعة النطاق التي مارسها النظام الأسدي ضد المسيحيين اللبنانيين خلال حرب 1975- 1990، ولم يأت على ذكر تعذيب وسجن واغتيال المئات من المواطنين اللبنانيين المسيحيين، والسياسيين والصحفيين خلال فترة الاحتلال السوري الممتدة من 1990 وحتى 2005، لقد تم اغتيال رئيسي جمهورية مسيحيين كما العديد من الوزراء والنواب والطلاب المسيحيين على يد النظام الأسدي لكن المؤتمر تناسى هذه المأساة، إضافة إلى ذلك لم يُدع المسيحييون المناهضون لبشار الأسد، ولكن من يدّعون بأنه ساهم في حمايتهم موجودون بكثرة".
ثم تحدث حجار عن "حذف إرهاب حزب الله" من مداولات المؤتمر رغم أنه هو الذي "خطف واغتال وهدد -ولا يزال- وجود المسيحيين اللبنانيين، كما أبناء المذاهب الأخرى" مؤكدًا أنه "لم يلحظ وجود ضحايا عنفه وإرهابه ضمن قائمة المتكلمين في المؤتمر".
وبعد الإشارة لعدم دعوة منظمات مسيحية تُدين نظامي دمشق وطهران إلى المؤتمر، أورد الكاتب ملاحظةً حساسة قال فيها: "يرتدي حضور خمسة بطاركة مشرقيين أهمية مؤثرة، وهذا الحضور العاطفي لهؤلاء القادة الروحيين سيدفع دون شك العديد من أعضاء الجالية للحضور، ولكن الحقائق الجيوبوليتيكية لا يجب أن تغيب عن بالنا، فمقرات هؤلاء البطاركة في بغداد ودمشق وبيروت وهي عواصم واقعة تحت الاحتلال الإيراني. بالطبع سيدين القادة الروحيون هؤلاء -وعن حق- ممارسات داعش البربرية، ولكن هل سينتقدون نظامي طهران ودمشق؟".
وبعد أن تساءل "ما هي الدوافع وراء حدث كهذا؟" أجاب قائلًا: "يبدوأن نوايا إدارة هذه المجموعة حسنة ولكنها ربما لا تدرك المشاكل بشكل شمولي، وبموجب التحاليل والوقائع المذكورة آنفًا، فإن النظامين الإيراني والسوري سيستغلون انشغال العالم بفظائع داعش، للتسلل إلى المجتمعات المسيحية، والسيطرة السياسية عليها، ومن ثم استعمالها في خدمة قادة بغداد الموالين لإيران، ونظام الأسد في دمشق، وحزب الله المسيطر على لبنان، تريد إيران وسورية أن تكتسب شرعية الشريك في الحرب ضد داعش بادعائها حماية المسيحيين، إن مؤتمر IDC وعن دون قصد سيلعب دور حصان طروادة أو جسرًا لطهران ودمشق يسمح لهما الدخول إلى المجتمع المسيحي الأمريكي من أجل الحصول على دعمه لشراكة مع الأسد وتطبيع العلاقات مع نظام الملالي.
كان هدفُ حجار، الناشط المسيحي الأمريكي، من كلمته التي كتبها ووزعها بالإنجليزية، مخاطبة الجمهور الأمريكي الذي يَسهلُ خلطُ الأمور عليه، واستجلاب تعاطفه، الأمر الذي سيدفع الإدارة الأمريكية إلى التناغم مع مشاعر ذلك الجمهور، ولو باجتماعٍ لمدة 35 دقيقة مع أوباما.
لكن الحقائق التي وضَّحَها الرجل يجب أن تُثير اهتمام النظام السياسي العربي بحيث يكون أكثر حسمًا وحزمًا تجاه مخططات إيران وأتباعها في المنطقة، وأكثر تركيزًا على استعمال الأوراق الاستراتيجية المناسبة لمواجهتها، وفي مقدمتها إسقاط نظام الأسد، وتلك مهمةٌ باتَ واضحًا أنها لم تعد تتعلق بمصير سوريا وحدها على الإطلاق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store