حملات الحج الوهمية.. إلى متى؟!

تبذل الحكومة ممثلة في جميع أجهزتها الأمنية والمدنية جهودًا كبيرة في السيطرة على حملات الحج الوهمية التي تتزايد عامًا بعد عام وبشكل لافت، وقد قرأنا في صحفنا المحلية عن عشرات الحملات الوهمية لحج هذا العام 1435هـ، التي تم التصدي لها والتي يقودها غالبًا مجموعات من العمالة الوافدة، أو بعض السعوديين عديمي الضمير من الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويخدعون الحاج بالوعود المعسولة الكاذبة بأن الأمور سهلة، وأن أداء الفريضة ميسور، ولا داعي لأخذ تصاريح الحج، وبذلك يقع البسطاء من الناس إمّا جهلاً أو تحايلاً في فخ هؤلاء النصّابين، وتذهب مدّخراتهم وأموالهم في جيوب هؤلاء اللصوص الذين لم يراعوا حرمة الحج، ولا حرمة الحصول على أموال الغافلين بدون وجه حق إلاّ أن يقول لبيك اللهم لبيك.
حتى اليوم السادس من شهر ذي الحجة، أعادت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية ونقاط تفتيشها أكثر من (125.616) مخالفًا لأنظمة وقوانين الحج، وتم إعادة أكثر من (48.962) مركبة نقلت هؤلاء المخالفين، كما تم حجز (440) سائقًا مخالفًا للأنظمة، وتزايدت هذه الأعداد حتى يوم التاسع من ذي الحجة حيث تضاعفت الأعداد بشكلٍ كبير، ومثّلت ضغطًا هائلاً على جميع الأجهزة الأمنية، التي تعطَّلت الكثير من مهامها ومسؤولياتها تجاه حجاج بيت الله الحرام الملتزمين بآداب وأهداب الشريعة السمحة، والمنفذين لأنظمة وقوانين الدولة التي تحاول جاهدة في تنظيم قوافل الحجيج، وأن ينعم كل حاج بالأمن والأمان، وأن يحصل على كل متطلبات الحج بشكلٍ مريح، وأن يحقق أمنيته بحج مبرور لا يشوبه أي من هذه المنغصات.
وفي نفس السياق دشنت وزارة الحج بوابتها الإلكترونية لهذا العام (1435هـ)، وهي خطوة جيدة لتنظيم خدمات الوزارة، وربط جميع العاملين تحت مظلتها بمنظومة إلكترونية سهلة التعامل سريعة الاستجابة لمتطلبات الوزارة، لمتابعة كل ما يُوافق أو يُخالف أنظمتها في الحج. وجاء في صدر الصفحة الأولى من البوابة الإلكترونية: "احذر من حملات الحج الوهمية" وهي رسالة توعوية فاعلة ولكنها لا تكفي ولا تحقق الهدف المنشود لقلة الداخلين على موقع الوزارة من عامة الناس، وكان بودّنا أن تضع الوزارة قائمة بجميع شركات الحج الرسمية التي حصلت على موافقة رسمية من الوزارة للقيام بهذه الحملات، وأن تدرج أسماء هذه الحملات على موقع الوزارة حتى يسهل على كل من أراد الحج التسجيل فيها، حتى يضمن الحاج بأنه ضمن حملة صحيحة، ومع شركة معترف بها، وليست وهمية، وقد أحسنت الوزارة بوضع قائمة بأسماء شركات الحج منخفضة التكاليف، وكان عددها (54) شركة تتراوح تصنيفاتها ما بين (أ - هـ) وأسعارها ما بين (3000 - 5000) ريال، ولكن معظمها يقع في مناطق بعيدة عن الجمرات.
كنا نطمح أن تزود وزارة الحج حجاج الداخل بخرائط توضيحية لأماكن هذه المخيمات حتى يكون الحاج على دراية ومعرفة مسبقة بموقع سكنه قبل وصوله إلى منى، وأن القيمة المدفوعة هي مقابل القرب أو البعد عن الجمرات والخدمات المقدمة من الحملة، كما نأمل من الحملات مدفوعة التكاليف إدراج جميع خدماتها في جداول واضحة حتى يتسنى للحاج الاطلاع واختيار الأنسب حسب الأسعار المعلنة قبل الطلوع إلى المشاعر المقدسة.
الجهود المقدمة من جميع المشاركين في الحج من: الوزارات، والإدارات، والمؤسسات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بخدمة الحجيج، ومعهم أهل مكة قاطبة يقدمون جهودًا مشكورة، وعملاً دؤوبًا ليل نهار، ويتسابقون في خدمة ضيوف الرحمن طلبًا للأجر والمثوبة من الله، وعلى رأس هؤلاء خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ورئيس لجنة الحج العليا، وأمير منطقة مكة المكرمة، والرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين، والأجهزة الأمنية بكل قطاعاتها التي أثبت رجالها أنهم على قدر كبير من المسؤولية، وتطبيق الأنظمة، واستشعار عظمة المسؤولية حسب ما رسمته الدولة لتهيئة الأجواء الروحانية للحجيج، والقضاء على العابثين بأمن الحج، ورصد كل من يحاول زعزعة استقرار الحج وقاصديه، سواء في داخل بيت الله الحرام، أو في المشاعر المقدسة بأي شكلٍ كان، من نقل للمخالفين، أو تحايل بتزوير التصاريح، أو بإشعال الحرائق الوهمية لإخافة الآمنين، أو بمضايقة حجاج البيت الحرام بالمسيرات أو الهتافات التي تشوّش على سكينة ضيوف بيت الله العتيق الآمنين.
تطبيق العقوبات الرادعة تجاه هؤلاء المستهترين بأوامر الله، والخارجين عن المنهج القويم هو الجزاء الرادع بالسجن والغرامة الموجعة حتى نقطع دابر هؤلاء المخالفين لكتاب الله وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. وقد قالوا قديمًا: من أمن العقاب أساء الأدب..