Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الأرصدة النائمة!

من حسن حظ المصارف السعودية أنها تحصل على امتيازات اقتصادية، وظروف اجتماعية تستفيد منها في تحقيق نسب أرباح لا تحققها مثيلاتها من الدول الأخرى.

A A
من حسن حظ المصارف السعودية أنها تحصل على امتيازات اقتصادية، وظروف اجتماعية تستفيد منها في تحقيق نسب أرباح لا تحققها مثيلاتها من الدول الأخرى. فهناك العديد من العوامل التي تساعد هذه المصارف على أن تكون الأرباح بمعدلات عالية، هذا السؤال دائمًا يُطرح عليَّ: لماذا مصارفنا تحقق هذه الأرباح المهولة بلا توقف؟ ولماذا ملاك أسهم هذه المصارف محدودون، ولا يتخلّون عن ملكية أسهمهم في مصارفهم؟
المجتمع السعودي معروف بتمسّكه بتعاليم الدِّين الإسلامي، ويحافظ عليها؛ لذلك فإن غالبية المجتمع السعودي الذين يملكون أرصدة لا تتحرّك، أو ما يُسمّى بـ(الأرصدة النائمة)، لا يحصلون على فوائد عن إيداعاتهم البنكية، ولذلك فإن المصارف تقوم بإعادة إيداع هذه الأموال في مصارف أخرى محلية وخارجية، وتحصل من ذلك على الفوائد التي تتحقق من ذلك، وتكون أرباحها.
فالأرصدة النائمة التي لا يحرّكها أصحابها، والتي شاع في الآونة الأخيرة أن معظمها أموال نسائية (نسيها) أصحابها، أو تخلّوا عنها؛ لعدم وجود مجالات استثمارية مقنعة لهم.
ليس من مصلحة المصارف أن تتحرّك هذه الأرصدة النائمة؛ لأنها تمثل بالنسبة لهم ربحًا ثابتًا، لا يكلّف إلاّ القليل.
وأمام هذه الحقيقة يجب على المصارف ومؤسسة النقد مجتمعة، ولو من باب المسؤولية المجتمعية أن تقوم بدور أكثر فاعلية في تأسيس الشركات الإنتاجية، وتشجيع أصحاب الأرصدة النائمة على استثمارها في الاقتصاد الوطني؛ لأن بقاءها في خزائن المصارف، ولا يستفيد من أرباحها إلاّ عدد قليل من الناس، يُعتبر تعطيلاً لثروة وطنية كبيرة، يمكن أن تبني مدنًا ومصانعَ ومساكنَ، وتؤسس لتجارة ناجحة لمصلحة الاقتصاد الوطني.
الإحصائيات لا تزال مخفية، أو غير معروفة عن حجم هذه الأرصدة، ولكن يتضح من أرباح نشاط الخزينة في البنوك أنها كبيرة جدًّا، فأحيانًا يقدّرونها بـ70 مليار ريال، وأحيانًا يزيدونها إلى 100 مليار، وأحيانًا أخرى يبالغون إلى 300 مليار ريال. أيًّا كان الرقم الصحيح، فإنها تُعتبر أموالاً كبيرة معطّلة عن التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والوطنية. فلو افترضنا أنها التقدير الأقل بـ70 مليار ريال، وإذا حسبنا معدل الفائدة الأقل حاليًّا بـ3.5%، فإن المصارف السعودية تحصد ما لا يقل عن 2.75 مليار ريال سنويًّا أرباحًا من هذه الأرصدة النائمة دون عناء، ومهما كانت مساهمتهم الاجتماعية في الوطن فإنها أقل من العائدات التي يحصلون عليها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store