Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

دفاعا عن المملكة

في مقاله الصادق بعنوان: "يا هؤلاء كفّوا أذاكم عن المملكة"، المنشور بجريدة مكة ليوم الاثنين 11 من ذي الحجة، عبّر الكاتب القدير قينان الغامدي عن استيائه من جهل عديد من المحللين السياسيين السعوديين بكثير

A A
في مقاله الصادق بعنوان: "يا هؤلاء كفّوا أذاكم عن المملكة"، المنشور بجريدة مكة ليوم الاثنين 11 من ذي الحجة، عبّر الكاتب القدير قينان الغامدي عن استيائه من جهل عديد من المحللين السياسيين السعوديين بكثير من تقنيات النقاش السياسي ومهاراته، حيث قال بلوعة واضحة: "كثير من هؤلاء الذين تُسمّيهم القنوات مُحلِّلين وإستراتيجيين هم أكثر المُسيئين لبلادنا"، لكونهم -من وجهة نظره- لا يقرؤون الواقع السياسي كما هو، وفي هذا كان تعبيره الدقيق لهم: "امتدح قوّتك كيفما شئت، وعدّد مناقبك كما تُحب، لكن لا تُقلِّل من شأن عدّوك السياسي والعسكري".
حقًّا لقد لامس أبوعبدالله بشفافيته الجرح؛ الذي أزعم أن وطننا يُعاني منه على الصعيد الإعلامي والمجتمعي لعقود طويلة، إذ إن كثيرًا من القراءات السياسية المُقدمة على الصعيد الإعلامي، لعديد من الأحداث في المنطقة، لا تنطلق من رؤية منهجية، ودراسة واقعية مُفصلة لطبيعة الحدث ومكونه ومسبباته ومآلاته، بل هي قراءة يُشكِّل ملامحها -في الغالب الأعم- نسقان معرفيان: أولهما، يعود إلى قصور بَيِّن في المعلومات، جراء عدم الانفتاح على المشهد بأكمله، لسببٍ أو لآخر؛ وثانيهما، راجع إلى الانطلاق من رؤية دينية عاطفية بسبب انتماء أيدلوجي، أو بُعد شخصي.
وفي كُلٍّ نجد كثيرًا من أولئك المحللين السياسيين قد وقعوا -ودون وعي- في شَرَكٍ غير حميد، لكونهم قد جهلوا كثيرًا من تقنيات ومهارات الخطاب السياسي، التي تؤمن بأن السياسة كائن مجرد، لا عواطف لها، ترتكز مبادئها على قاعدة المصلحة أولاً وأخيرًَا، فلا عداوة دائمة، كما ألاّ صداقة دائمة، ولا يعني ذلك أن يتحلل السياسي من كل قِيَم المروءة والأخلاق، بل إن السياسي الماهر هو الذي ينطلق من مضامين تلك القِيَم، ويجعلها مرتكزة.
السياسي الماهر هو الذي يعرف قدر خصمه، فيزن مسارات قوته وضعفه بالميزان، ويعمل جاهدًا على أن يترك الباب مُوارَبًا، حتى إذا احتاج الولوج منه أمكنه ذلك بمرونة مقبولة. السياسي المحنك كالتاجر الحكيم الذي يهتم بالمحافظة على خيوط التواصل مع عملائه ولو بكلمة عابرة، أو سلام من بعيد، وهو الذي يملك المقدرة البارعة على أن يحافظ على كل شعرة تجمع بينه وبين خصومه.
واقع الحال فلست هنا في صدد ضرب الدروس والأمثلة لصفات ومهارات السياسي الماهر، لكن لنتذكر أن الراحل الملك فيصل -يرحمه الله- لم يعمد إلى تقطيع خيوط التواصل مع الرئيس عبدالناصر، على الرغم من إساءة الأخير له بشكلٍ عميقٍ. وقال في جوابه على مندوب جريدة اللومند الفرنسية حين استشهد ببعض إساءات عبدالناصر: "نحن إخوان وعلى الأخ أن يتحمّل تجاوزات أخيه". فهل يعي المحللون السياسيون ذلك؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store