Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بابُ ماجاء في التفريقِ بين: الفتوى والمقال!!

الفتوى باختصارٍ شديد : قولٌ عن الله ، أو إخبارٌ عنه ! فكأن منْ يُفتي يقول للمستفتي أو للناس: إن الشرعَ يقول لكم كذا!

A A
الفتوى باختصارٍ شديد : قولٌ عن الله ، أو إخبارٌ عنه ! فكأن منْ يُفتي يقول للمستفتي أو للناس: إن الشرعَ يقول لكم كذا! ومن هنا تكمنُ خطورة الفتوى ويأتي عظمُ شأنها وشرفُ قدرها ،ومن شرفِها أن رب العالمين تولاّها بنفسه كما جاء في قوله تعالى( ويستفتونك قلْ اللهُ يُفتيكم )
وعندما حكى الله المحرمات العِظام جعل أشدَّها وأعظمها جُرماً،القول على الله بغير علمٍ، واسمع قولَهُ الكريم جلّ ثناؤه (قلْ إنما حرّمَ ربي الفواحش ماظهر منها ومابطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تُشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) فبدأ بالأخف وانتهى بالأعظم!
فسبحان الله ما أخطر هذا المقام !! لذلك كان العالمون بالله والعارفون هم أشد الناس خشيةً منها وتدافعاً لها،كالصحابة رضي الله عنهم وكبار فقهاء السلف كانوا إذا سُئلوا فكأن مصيبةً حلّت بهم !!
واليوم وبالأمس وكلَّ يوم هان في نفوس كثيرين هذا (المقام الشريف) وتجاسرَ على الفتوى كلُّ أحد!
حتى أصبح بعضُهم لايُفرِّقُ بين (تحرير الفتوى ) و (تحرير المقال الصحفي) وبعضهم يجعل الفتوى أو المسألة الفقهية في منزلة وجهات النظر أو من قبيل البحث الفكري العام!!
ورحمُ اللهُ شيخي العالم والمُفتي الأصولي عبدالله بن غديان فكثيراً ما كان يقول لي مُشدِّداً : فرِّق بين الكلام العلمي والفكري!
وذلك: أن الفتوى والحديث في مسائل الفقه،له أدواتُه ومنهجُه وأصوله، فهو تخصصٌ دقيق لايُحسنه ألا متخصصٌ درسَ وتعلّم وتمرّس.
أما المقال الصحفي أو الفكري، فهو أوسع من جهة القيود، وهو في غالبه مجرد تصورات ووجهات نظر خاصة تُصاغ بطريقةٍ وأسلوبٍ خاص وفي حسن الفكرة أو جودة الأسلوب يتنافس المتنافسون!!
والجديد في هذا الباب ، باب: ماجاء في التفريق بين الفتوى والمقال، - وهو بابٌ قديم اُبتليَ به المجتمع - أنه ولعظيم الجهل بالعلم والفقه، وللخلط بين مضمون الفتوى ومضمون الفكر العام، عندما تقرأ لأحدهم وهو يُجرَّد المسألة الفقهية والشرعية، من خصائصها ويعزلُها عن النصوص القرآنية والحديثية، ويدخلها في مسارٍ آخر غريب جداً وبعيد كل البعد عن المنطق العلمي ! كمنْ يكتب مقالاً في مسألة فقهية حكم فيها الوحي بالنص القاطع الثبوت والدلالة وتوافرَ على حكمها فتاوى فقهاء الأمةِ كابراً عن كابر!كمسائل الربا مثلاً ، فيحولُها وبكل جرأةٍ وقلة وعي لخطورة مايكتب ،يحولها لمسألة فكرية أو وطنية يُصنّفُ من خلالِها العامةُ والعلماءُ بل والمجتمعُ كلُّه!!
فمن أخذ بخلاف فتواه ورأيه ووجهة نظره فهو المُخطىء والآثم بل والمشكوك في وطنيته!! وهذه عجيبةُ العجائب والله!
إني وبكل حبٍ وتقدير أتمنى من إخواني الكُتّاب أن يتقوا الله في أمر الفتوى فإن أمرها عظيم والله، ومنْ عُوفِيَ فليحمد الله، ومن أبى إلا أن يُشغل ذمته ويعرض نفسه للحساب،فلا يلومنّ إلا نفسه! والمنهج والمنطق يقتضي أن ندع لكل أهل تخصصٍ تخصَصهم، ونتحدث ونكتب فيما نُحسِنُ ونتمكن!
حتى لا نشغب على العامةِ ونشككهم في أمور دينهم أو نهون من مكانة العلم وأهله ، ومايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store