Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رسالة إلى المبتعثين

تقوم وزارة التعليم العالي بدور مهم ومشهود ومشكور في سبيل تمكين شريحة كبيرة من طلبة التعليم العام، ومن حاملي درجة البكالوريوس لإكمال دراساتهم الجامعية وفوق الجامعية خارج المملكة.

A A
تقوم وزارة التعليم العالي بدور مهم ومشهود ومشكور في سبيل تمكين شريحة كبيرة من طلبة التعليم العام، ومن حاملي درجة البكالوريوس لإكمال دراساتهم الجامعية وفوق الجامعية خارج المملكة. واختارت لهم الجامعات العريقة والمرموقة في العديد من الدول ليقوموا بذلك. ونلاحظ أن الوزارة لم تحجر على المبتعثين في اختيار الدول والمدن والجامعات، ولا التخصصات سواء العامة أو الدقيقة منها، بل تركت كل الخيارات متاحة للمبتعث. وذلك رغبة منها أن يحقق كل مبتعث ذاته وطموحه ورغباته بكامل حريته، ثم بعد ذلك يحق للوطن أن يُسائل هذا المبتعث أو ذاك: ماذا حقق؟ وماذا أنجز؟ ليس هذا فحسب.. بل أكثر!
تركت الوزارة للخريج/ الخريجة، حين العودة إلى الوطن محمَّلاً بالشهادات والخبرات، كامل الحرية أن يلتحق بالجهة التي يريدها في سوق العمل الحكومي والخاص. ولكي تُسهّل التواصل بين المبتعثين وسوق العمل السعودي تقيم الوزارة "يوم المهنة" في كل دول الابتعاث تقريبًا. وبرغم ما يكتب من نقد لمحدودية الاستفادة من هذا اليوم، إلاّ أنني أرى أنه خطوة مهمّة جدًّا، لابد من استمرارها وتطويرها، إذ يحتاجها الخريجون، كما يحتاجها أرباب الأعمال الحكومية والخاصة.
من الجهات التشغيلية التي تبحث عن كفاءات مميّزة لجذبها إليها: مؤسسات التعليم العالي المختلفة (الجامعات الحكومية والخاصة، ومؤسسات التعليم المهني). ولو نظرنا إلى تلك الحاجة لوجدنا أنها تتراوح بين 30 - 60%، مشغولة حاليًّا بكفاءات متعاقدة من غير السعوديين. وبرغم الجهد الذي يقدمه هؤلاء المتعاقدون مشكورين، إلاّ أنهم سيعودون في يوم من الأيام إلى بلادهم، وتبقى الحاجة قائمة، وسيكون من المطلوب أن يقوم بتغطية تلك الثغرة الكوادر السعودية المدربة التي تحمل أعلى الشهادات في تخصصاتها، سواء تم الحصول عليها محليًّا أو خارجيًّا.
أجزم أن هناك العديد من بين مبتعثينا من يتوق ليصبح أستاذًا جامعيًّا، ويكون له نصيب وإسهام في العملية التعليمية، والبحث العلمي، وهذا مطلب مشروع ومستحق لكل مَن يفكر بهذه الطريقة. لكن ليست كل شهادة متخصصة في فرع من فروع العلم، بالضرورة تكون كافية ومؤهّلة لتحقيق ذلك الطموح. لذلك لكي يصبح ذلك المبتعث/ المبتعثة جاهزًا للانخراط فورًا في العملية التعليمية، فإنني أوصي بما يلي:
* من أهم ما يحتاجه الأستاذ الجامعي، القدرة على التواصل مع محيطه الأكاديمي (الطلبة/ الأساتذة، والكوادر المساندة)، والثقة بالنفس، والقدرة على الإقناع، وحسن الإنصات والاستماع، وممّا يعين على تحصيل ذلك هو الانخراط في دورات "مهارات الاتّصال" Communication Skills، فالكثير من مشكلات الأساتذة "المُستجدّين" تتمحور حول هذا الجانب المهم.
* الحصول على دورات وورش عمل، بل وشهادات متقدّمة في التعليم الجامعي، كالماجستير مثلاً، في تخصص يخدم العملية التعليمية. ومن ضمن التخصصات والمهارات المقترحة في ذلك (المناهج كتابةً وإعدادًا، القياس والتقويم، ونظم الامتحانات وصيغها، الإرشاد الأكاديمي والطلابي، الأنشطة اللاصفية، العمل الطلابي والجامعي التطوعي ومهاراته... الخ).
* الحصول عل دورات في تأهيل عضو هيئة التدريس (المستقبلي) بما يُسمّى بـ(Professional Development courses)، وبرغم أن الجامعات التي سيلتحق بها المبتعث العائد للمملكة تقدم العديد من تلك الدورات، إلاّ أنه يحسُن بالمبتعث الحصول عليها خلال دراسته بالخارج، ومن الأفضل قبيل عودته للمملكة مباشرة.
* يسعى البعض من المبتعثين لأن يواصل أبحاثة العلمية المتخصصة حين عودته بإحدى الجامعات، بل إن هذا مطلب مهم يجب أن يحافظ عليه المبتعث حين يصبح أستاذًا جامعيًّا. لكن من المعروف أن غالبية الطلبة المبتعثين، إن لم يكن كلهم يُلحقون بمعامل ومختبرات قائمة وفاعلة ويصبح فيها مثل الترس في العجلة لا أكثر، لا يعرف عن أمور كثيرة صاحبت إنشاء تلك المعامل، ولا كيفية تشغيلها، أو وضع ميزانياتها، أو طرق التقديم للحصول على الدعم المالي والمنح (Grants). كما أنه من المهم الحصول على أكبر قدر من المعلومات بصفة منهجية، حيث إن من أهم متطلبات توطين التقنية تأسيس المعامل والمختبرات المتخصصة. وبحصول المبتعث على تلك المهارات، فإن الجامعات لن تجد نفسها مضطرة لأن تتعاقد مع مختبرات الجامعات العريقة لتساعدها في تأسيس هذا المختبر أو ذاك.
إن الحصول على الشهادات الجامعية، وفوق الجامعية في نظري، لا يمثل على أهميته إلاَّ رأس الرمح في عتاد وعُدّة الأستاذ الجامعي، فمن المهم أن يكون المبتعث الراغب في الالتحاق بالسلك التعليمي الأكاديمي قد استوفى عُدّة المهمّة كاملة، أو كاد، ممّا يجعله عنصرًا فاعلاً وإيجابيًّا منذ اليوم الأول له بجامعته.
إن ممثلي الجامعات المكلّفين بـ"الاستقطاب" لجامعاتهم، خلال فعاليات "يوم المهنة"، سيجدون من اليسير عليهم أن يستقطبوا مبتعثًا أعدّ نفسه الإعداد المناسب والصحيح من خلال تطبيق كل أو معظم التوصيات المذكورة أعلاه.. وسيجد الطلبة لاحقًا في هذا الأستاذ "الجديد" أنموذجًا مميزًا للأستاذ الجامعي الذي طالما انتظروه طويلاً.. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store