Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الرسالة الثالثة والأخيرة.. للمبتعثين

أعزائي الطلبة والطالبات المبتعثين:

A A
أعزائي الطلبة والطالبات المبتعثين:
ما كنت سأكتب لكم رسالة أخرى بعد رسالتيَّ السابقتين خلال الأسبوعين الماضيين.. ليس زهدًا في التواصل معكم، ولكن رغبة في ألا أشغلكم بطروحات قد يكون أكثركم على إلمام بها، بل وبأكثر منها، لكن من خلال متابعاتي اليومية لما يكتب عنكم في كثير من صحفنا المحلية، والتي تتراوح بين المدح والقدح، خصوصًا مع تتابع ما يحدث في بلاد الابتعاث للبعض منكم من اعتداءات، وما يُعانيه بعضكم من منغّصات، آثرت أن أشترك معكم في بعض الرؤى والتصورات لعلها تساعد أو تعين بقدر المستطاع، وإليكم بعضًا من العناوين التي رصدتها والتي دفعتني مع غيرها من الأسباب لكتابة هذا المقال:
• ثمانية أسباب وراء وقوع المبتعثين فريسة للمجرمين (صحيفة عاجل 7 محرم 1436هـ).
• استهداف المبتعثين السعوديين مقصود أم مشكلة عالمية؟!
• مآسي الطلبة المبتعثين: هل من حلول؟ (صحيفة الرياض العدد 14847 بتاريخ 21 صفر 1430هـ).
• د. محمد العيسى: المبتعثون السعوديون من أقل الطلاب مخالفة للأنظمة (صحيفة مبتعث الإلكترونية).
يبلغ تعدادكم في بلاد الابتعاث ما يصل إلى المئتي ألف مبتعث ومبتعثة مع مرافقيكم، هذا رقم كبير جدًا، لكنه يُمثِّل نخبة مميّزة تمّ اختيارها بعناية من قبل وزارة التعليم العالي لأداء مهمة محددة في بلاد الابتعاث، ثم العودة فور انتهاء المهمة إلى الوطن محمّلين بالشهادات العليا والخبرات العملية المتقدمة، للمساهمة في تنمية ونماء الوطن، لكن مبتعثين بهذا العدد، ربما يحتاجون إلى ما يُشبه إدارة الحشود في المواسم والمناسبات، كغيرهم من الجموع الكثيفة. ليس هذا فحسب بل لكل فرد من المبتعثين حاجات ورغبات ومطالبات أجزم أن الملحقيات الثقافية والتي تزيد على الثلاثين ملحقية، تبذل كل الجهد في سبيل تحقيقها والوفاء بها ولكن:
• البعض منكم وهو النزر اليسير، لا يتواصل البتة بالملحقية التابع لها إلا حين لا يجد مناصًا من ذلك، وتظلم الدنيا في عينيه، بل إن البعض لا يتفاعل مع الأندية الطلابية السعودية الموجودة في مدينته وهي كثيرة ونشطة جدًا.
• القليل منكم يظن أنه سافر إلى بلاد الابتعاث ليبقى فيها إلى ما لا نهاية! وينسى المهمة الأساسية التي جاء من أجلها ولأجل ذلك قد يخرق قوانين الإقامة وأنظمتها.
• الكثير منكم لا يعرف أو لا يصدق أو يتجاهل أنه ووطنه محسودون على كل ما هو فيه من تسهيلات ودعم مادي ومعنوي، وهؤلاء الحسّاد يتربصون به وبغيره من الطلبة السعوديين الدوائر، ويتسللون إلى تفكيره ومشاعره ورغباته بأسلوب ناعم كنعومة جلد الثعبان، وسرعان ما ينقضّون عليه ويردونه صريع الأوهام والترهات.
• قليل منكم، يظن أنه حرّ بدعوى أنه في بلد الحرية! حرية مطلقة في فعل ما يشاء وقول ما يشاء في أي وقت يشاء وفي أي مكان يشاء، وهذه من المغالطات التي يمارسها البعض وسرعان ما يقع في شباك جهله وقناعاته الخاطئة.
• لاشك أن الظروف المحيطة بنا في المنطقة العربية تُلقي بظلالها على نظرة الكثير من مواطني بلاد الابتعاث تجاهكم، وقد يتصرّف البعض منهم بتطرّف وحدّة وعدوانية، ويقع من جراء ذلك مجموعة من الطلبة والطالبات المبتعثين ضحايا تلك الأحقاد والنظرات والأفكار الحادة تجاههم.
لكن يبقى السؤال: هل ما يحدث للبعض منكم من أحداث ومنغصات، والناشئة عن الأسباب التي ذكرتها أعلاه، هل تمثل ظاهرة وأرقام عالية؟ الإجابة بالطبع لا، لكن قطرة دم واحدة لأحد أبنائنا الطلبة والطالبات المبتعثين، تكون غالية جدًا علينا جميعًا، كما هي غالية على ذويهم، كذلك فالإساءة لطالب أو طالبة، وتوقيفه في دوائر الشرطة أو محاكمته أو سجنه ليس بالأمر الهين أو المقبول لنا، ولا نتمناه أبدًا لأي من طلبتنا.
أعزائي المبتعثين والمبتعثات:
ثقوا أنكم -كلكم- تحت الأضواء، فالكل يراقب كل تحركاتكم وتصرفاتكم، بل يكاد البعض ممن لا يحب لكم الخير، وهم قليل، أن يعدّ عليكم أنفاسكم.. فماذا أنتم فاعلون؟!
لاشك أن هناك نخبة كبيرة منكم مثلوا -وما يزالون- يمثلون بلادهم خير تمثيل، فكرًا وعلمًا وخلقًا، لكن إن كان لي من رأي ونصيحة فإنها تتمثل فيما يلي:
1- التذكير الدائم لأنفسكم ومن حولكم من زملائكم السعوديين بالمهمة الكبيرة الملقاة على عواتقكم والدور المأمول منكم، والذي ابتعثتم من أجله، وأن تتمثلوا قول الشاعر:
قد هيّؤوكَ لأمرٍ لو فطنتَ لهُ
فاربأ بنفسكَ أن ترعى مع الهملِ
2- التواصل الدائم مع الملحقيات الثقافية في بلد ابتعاثكم، والاندماج في أنشطة الأندية الطلابية السعودية، ومحاولة تفريغ طاقاتكم وإبداعاتكم فيها ومن خلالها.
3- التعرف على أنظمة البلاد التي تدرسون بها والالتزام بها وعدم خرقها أو التحايل عليها.
4- البعد كل البعد عن الأماكن المشبوهة (فكريًا وأخلاقيًا ومجتمعيًا)، فمجرد الاقتراب منها يجلب لكم مظنة سوء لا ترضونها لأنفسكم ولا لأهليكم، وليكن حاديكم قول الشاعر:
فــزَكّ نفـسـكَ مـمــا قـد يـدنّسُــها
واختر لها ما تَرَى من خالصِ العملِ
5- أخيرًا وليس آخرًا: أنتم خيار من خيار من خيار، تمثلون بلاد الإسلام ومهد الرسالة، لذلك لا يقبل منكم إلا أن تكونوا القدوة لكل من حولكم، كونوا رسل سلام وهدي وهداية، كونوا علامات مضيئة في زمن تكاثفت فيه الظلمات من حولكم، كونوا كما أرادكم الله "خير أمة أخرجت للناس".. وفقكم الله وسدد على طريق الخير خطاكم.. وبالله التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store