Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الأحساء غير !

زرتُ الأحساء أولّ مرة قبل سبع سنواتٍ تقريباً وأنا عميدٌ لشؤون الطلاب مع وفدٍ طلابي ؛ وأذكر أني التقيتُ في تلك الزيارة بشيخٍ جليل استضافني والوفد في منزله العامر؛ وهو مؤرخ الأحساء المعروف وحافظ تاريخها

A A
زرتُ الأحساء أولّ مرة قبل سبع سنواتٍ تقريباً وأنا عميدٌ لشؤون الطلاب مع وفدٍ طلابي ؛ وأذكر أني التقيتُ في تلك الزيارة بشيخٍ جليل استضافني والوفد في منزله العامر؛ وهو مؤرخ الأحساء المعروف وحافظ تاريخها القديم والمعاصر وهو الشيخ عبدالرحمن المُلا؛ فعلمتُ منه ما لم أكن أعلم !
حدّثنا هذا الشيخ العالم عن الأحساء وبيوتها وأسرها وعوائد أهلها؛ والجديد الذي لم أكن أعلمُه؛ هو: ذاك التنوّع المذهبي والخليط الفكري الذي يتميّز ويتفردُ به هذا الإقليم الجميل، فهذا الإقليم اجتمعت فيه المذاهب السُنية الأربعة، مع غيرها كمذهب الشيعة في بعض مناطقه.
وتجد فيه فقهاء وطلبة فقه تتلمذوا على هذه المذاهب وتفقهوا فيها؛ حتى المساجد هناك تجد بينها في بعض الصلوات بعض الفرق في وقت إقامة الصلوات؛ بقدر ما بين المذاهب من تفاوت.
ثم زرتُ مزارعها ونخيلها فلا تسل عن حُسنه وكثرته وجماله.
ثم زرتُ الأحساء بعدُ بدعوة كريمة من أحد أبنائها البررة أخي د.محمود المبارك أستاذ القانون الدولي المعروف الأديب الشاعر..حيث شرّفني بأن أكون أحد ضيوف تلك الأحدية العريقة و الشهيرة ديوانية عالم الأحساء ووجيهها الأديب السفير معالي الشيخ أحمد المبارك رحمه الله-وقد كان حياً وقتها- وشرفتُ بمعية أحد كبار شيوخ قرّاء الحجاز الشيخ المقرئ محمد شرف الحلواني حفظه الله ؛ وتحدّثتُ يومها في جمعٍ مهيب من شيوخ وعلماء آل مبارك ومحبيهم عن :الإبداع الفكري عند المسلمين؛أصول الفقه نموذجاً.
والتقيت ثمة صديقنا الحبيب العالم والفقيه والأديب د.قيس آل الشيخ مبارك عضو هيئة كبار العلماء .
تمتاز الأحساء بلطافة أهلها وتحضُّرهم وتواصلهم ؛ فالأسر هناك تلتقي كل أسبوع إن لم يكن كلّ يوم! وينتشرُ بينهم حبُ الأدب والشعر وتذوقه وقوله وإنشاده في مجالسهم ؛ ولا تخلو تلك المجالس_وقد شهدتُ بعضها_من البدء في قراءة في كتابٍ في التفسير أو الفقه.
والمؤسف والغريب أن كثيراً منّا يعرفُ الكثير عن بلدانٍ بعيدة ويجهل كثيراً عن مجتمعاتٍ ومناطق بلده! وهذا لاشك له أسبابه منها: عدم الاهتمام بهذا في مناهجنا التعليمية؛ وعدم وجود أي تخطيط من أي جهة معنية لتقريب وتعريف أبناء البلد بعضهم لبعض.
إن ما حدث في الأحساء وما تبعه من أحداث هي أعمال إرهابية إجرامية منكرة؛وليس بعد بيان هيئة كبار العلماء من قول!
واجبنا في هذا الوطن الكبير علماء وفقهاء وكُتّاباًً ودعاة وخطباء وصحفيين أن نقدّم المصلحة العليا للدين الذي هو أساس حياتنا وسبب وجودنا والذي قامت هذه الدولة المباركة به وله، ومن رعاية الدين أن نحفظ أمننا ولحمتنا ووحدتنا ،فبهذا يُقام الدين ويُحفظ؛ فالأمنُ ليس لعبةً أو مجالاً للمغامرة ؛ ومعايش الناس وحماية أمنهم لا يحتمل العبث أبداً،إنه خط أحمر بل دونه الدّم والمُهج!
ووزارة الداخلية عملت الكثير ولديها الكثير ؛ يجب أن نعرف من الذي يعبث في أمننا ووحدتنا؟ ولماذا؟ ومن أي منطلق ينطلق؟وتحت أيّ تأثيرٍ وقع وكيف؟ كلُّ ذلك مهم ومهم جداً حتى يستطيع أصحاب العلم والقلم أن يرسموا الخط الصحيح في معالجاتهم وخُطبهم ونصحهم ومقالاتهم،فالمعلومةُ الصحيحةُ الموثوقة هي ما نحتاج، حتى نغلق باب الأراجيف والشائعات وتبادل التُهم ؛ ويعرف من يحب وطنه ومن يكيدُ له كيداً؟!
اللهم أدم علينا نعمتك ونعوذ بك من تحول عافيتك وزوال نعمتك ؛ ووفق ولاة أمورنا ورجال أمننا لكل خير واعنهم على نفع البلاد والعباد..
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store