دور الشفافية في نقض نظرية المؤامرة

أرى أن الشفافية قد تساعد على الحد من نظرية التآمر فمن أسباب ظهور هذه النظريات ما يمكن حله عبر الإفصاح.
فمن أسباب ظهور نظرية المؤامرة وذيوعها في الشعوب، في وجهة نظري، هو تحويل الشعور بالفشل من أفراد الشعب إلى قوى غامضة لا يمكن صدها، ويمكن تحوير أهدافها، كما يروق لإسناد حالة الضعف الشعبية، وهذا السبب يُعزى لسمة العقل البشري في علم النفس لتعليق أسباب الفشل على غيره، سواءً كان على الإطار العام أو على فاعلين آخرين.. ويساعد الإفصاح والشفافية على إدراك الأسباب الأساسية للفشل المجتمعي، ويسهل التعامل معها.
ومن أسباب النظرة التآمرية عند الشعوب نزع الشرعية الأخلاقية والتعاملية عن الخصم لعدم انسجام أهداف ناشري النظرية التآمرية معه- خاصة إذا كان التعامل مع هذا الخصم صعبًا لتغلغله في الشعب أو لقوته العسكرية أو الثقافية أو لغيرها.. تضع الشفافية والإفصاح الخصوم على محك الواقع لا التكهنات وتضعف بذلك نظرية المؤامرة.
ومن سلبيات هذا التفكير المؤامراتي أن صعود هذا المنوال من مؤثر افتراضي إلى إحساس وحساب مطلقين يشجع على الضعف ويحول دون التعامل الموضوعي مع الأزمات فيتأزق التفكير المنطقي ويأسّد العدو ويُشَيطِن فيخرج من بشريته فيصعب التغلب عليه أو قبوله إذا دعت الحاجة أو المصالح إلى تسوية الخلاف معه.
وهذا التفكير المؤامراتي، في وجهة نظري، كثيرًا ما ينقلب على أصحابه ومن والاهم فيهاجم بعضهم بعضًا، بينما الجميع يتأرجح بين نظريات وأهداف المؤامرة فيسود الشقاق المجتمعي ويصعب على «الآخر» ولو كان عدوّا يريد المسالمة أن يتعامل مع هذا التناقض ويشير المتخبّط إلى أعدائه متهمًا إياهم لسقوطه وانهزامه رغم أن هذا الوقوع لم يحدث موضوعية إلا من تلقاء ذاته ودون إزلاق من أحد.
إن هذه النظريات ليست محدودة في العالمين العربي والإسلامي فحسب فمثيلاتها تحدث في الدول المتقدمة وأحيانًا تكون على صواب.
ولكن الشفافية والإفصاح في هذه الدول تؤدي إلى عدم انتشار نظريات التآمر.. أذكر من أمثلة الإفصاح لجنات التحقيق في ( WATERGATE) حيث أدين الرئيس نيكسون لعدد من الاختراقات. وفي ( IRAN CONTRA) حيث اتهم جهاز المخابرات الأمريكي بالفساد في بيع أسلحة لإيران مقابل مساعدتهم في الإفراج عن رهائن أمريكيين واستعمال المال في مساعدة ثوار (نيكاراجوا) في مؤامرة ضد القانون.