Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مبانٍ خطرة وتصريحات آيلة للسقوط!

اعتدنا مع كل حادثة انهيار منزل أن يسارع مسؤولون بتصريحات تدين الجهات المعنية أكثر منها تبريرا للأسباب، ومنها تقادم المبنى وتصدعه وأنه مخالف للأسس والمواصفات الهندسية وعدم إجراء ترميم وصيانة، وغالبا ما ينتهي التصريح بأنه سبق أن تم إخطار صاحب العقار بخطورته على ساكنيه وبالتالي فهو المسؤول عما حدث. قرأنا ذلك في حادثتين لانهيار منزلين في جدة مؤخرا.

A A
اعتدنا مع كل حادثة انهيار منزل أن يسارع مسؤولون بتصريحات تدين الجهات المعنية أكثر منها تبريرا للأسباب، ومنها تقادم المبنى وتصدعه وأنه مخالف للأسس والمواصفات الهندسية وعدم إجراء ترميم وصيانة، وغالبا ما ينتهي التصريح بأنه سبق أن تم إخطار صاحب العقار بخطورته على ساكنيه وبالتالي فهو المسؤول عما حدث. قرأنا ذلك في حادثتين لانهيار منزلين في جدة مؤخرا. الأول في حي الصحيفة وراح ضحيته كما هو معروف ستة أفراد من أسرة واحدة تحت الأنقاض، والثاني انهيار جزئي في مبنى قديم من أربعة أدوار بحي البغدادية، وفي كل حادثة تعاد نفس التبريرات مقرونة بإحصاءات مفزعة تنذر بمآسٍ كبرى وتضع حقائق مؤسفة أمام العدد الهائل للمباني الآيلة للسقوط في مدينة جدة. فطبقا لمسؤولي الأمانة: يوجد “8000” مبنى آيل للسقوط تم رصدها منها 3 آلاف مبنى في حالة خطرة، وتم وضع إشعار على أكثر من ألف منزل بضرورة إخلائها من السكان، وإشعارات فصل الكهرباء لحين الإزالة، ولكن متى وكيف وما مصير السكان الذين يتم إخلاؤهم؟! هكذا يبدو أننا أمام أوضاع قد تفاجئنا -لا سمح الله- بانهيارات فرادى وفي أوقات متفرقة دون تحرك عاجل، رغم ما قد تخلفه من ضحايا تفوق عدد ضحايا سيول جدة التي فتحت ملفات إهمال او فساد هي تحت أنظار العدالة، فهل وقوع حادثتين لا يكفي، أم لا بد من المزيد حتى نبحث عن المحاسبة والحلول، خاصة وأن تصريحات مسؤولي الأمانة تكررت في كل حادثة بأن السبب هو عدم توفر مبالغ للإزالة وقدرها 20 مليون ريال ولا تزال تنتظر اعتمادها!. في تشابك وخلل كهذا وتصريحات تؤخر ولا تقدم، لا بد من منظور أكثر إنصافا تجاه سكان هذه المباني وعددهم يفوق المائة ألف إذا حسبنا متوسط الطوابق وعدد الأسر والأفراد من ساكنيها، فهؤلاء يعيشون تحت الخطر ولا حول لهم ولا قوة في الحل؛ فالبدائل صعبة على بعضهم ومستحيلة على البعض الآخر، وبالتالي قد يحدث ما لا تحمد عقباه، وإذا حدث -لا سمح الله- حريق أو هطول مطر شديد، تتضرر تلك المباني وتزداد خطورتها، فيما الوقت يمضي والتبريرات موزعة بين مختلف الأطراف، ورغم وجود لجنة طوارئ للمباني الآيلة للسقوط مكونة من الأمانة والمرور والدفاع المدني والشؤون الاجتماعية. الشيء المؤسف الذي يكشف حجم الخطر، وحسب تصريحات مسؤولي الأمانة، أن تقارير فنية صدرت بترميم 530 مبنى كمرحلة أولى منها (111) مبنى أزيلت و419 مبنى تحتاج إلى ترميم. هذا كل ما تحقق وهو ضئيل جدا مقارنة بحجم المشكلة وأخطارها، ومع ذلك لا يزال البحث جاريا عن تمويل لسلامة الأرواح، والسؤال المرير: هل 20 مليون ريال أو أكثر هي معضلة إلى هذا الحد، وإذا استصعب الحصول عليها باعتمادات سريعة، ألا يمكن إزالتها من جانب الأمانة بتفويض عاجل من الوزارة على أن يتم الصرف لاحقا أم نعلق سلامة الأرواح بإجراءات الصرف من عدمه، والسكان هم ونصيبهم مجرد خبر مثل من سبقهم!. إن فصل الكهرباء عن المنازل وإن كان اجراء فإنه ليس حلا، فإذا أبلغت ألف مالك بالإزالة وبفصل الكهرباء، فهذا يعني أن آلاف الأسر ستبحث عن مساكن أخرى على قدر دخلهم وهي غير متوفرة أساسا، ألا يمكن العمل على إيجاد مساكن بديلة كخطوة ترافق إخلاء الآيلة للسقوط وبإيجارات متقاربة. كما أن ترك هؤلاء يدبرون حالهم في سوق عقار مختنق أصلا بكثرة الطلب وقلة المعروض من المساكن خاصة المتوسطة والصغيرة لأسباب كثيرة يطول شرحها، مما يزيد أزمة الإسكان تعقيدا ويلهب أسعاره أكثر وهي متضخمة ومشتعلة مع موجة الغلاء التي انفلتت في كل شيء دون رادع أو علاج. وهكذا تبدو المشكلة بأكثر من وجه وموزعة بين الجهات، مما أفقدها الحسم ودون رؤية وحلول شاملة لسلامة الأرواح وإيجاد البدائل لهم، وربما الجميع اختار انتظار خطة تطوير العشوائيات، وهو بلاشك مشروع حضاري نتمنى أن نرى له طحينا عاجلا يوازي ما قيل وكتب فيه، ولأنه سيستغرق وقتا فقد لا تنتظره أخطار محدقة متربصة بهؤلاء.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store