Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بين الحصانين الأصيل والبليد

الدنيا من حولنا تتغير بسرعة ومجتمعنا كذلك يتغير بسرعة. هذا التغير السريع يظنه معظم الناس سلبياً، وآخرون يرونه سيئاً في عمومه محبطاً في كثير من جوانبه. وقليل من يرونه إيجابياً في عمومه سلبياً في بعض جوانبه.

A A
الدنيا من حولنا تتغير بسرعة ومجتمعنا كذلك يتغير بسرعة. هذا التغير السريع يظنه معظم الناس سلبياً، وآخرون يرونه سيئاً في عمومه محبطاً في كثير من جوانبه. وقليل من يرونه إيجابياً في عمومه سلبياً في بعض جوانبه. أولا: لا بد من الاعتراف بأن مجرد البكاء والنحيب لن يغني عنا شيئاً كما إن محاولة إيقاف عجلة التغيير ستبوء بالفشل. التغيير سيشمل الأفكار والعقول، كما سيشمل العادات والتقاليد. والتغيير سيطال أيضاً آليات وطرق الحكم على الأشياء، فالفقه شهد ولا يزال خروجاً عن أطره التقليدية القديمة الجامدة متحدياً الأسر الذي يفرضه البعض على اجتهادات الغير، وتفسير النصوص والأفعال سينتقل من مرحلة إلى أخرى ومن مدرسة واحدة إلى مدارس متعددة. هكذا هي الحياة كما أرادها الله متجددة تنبعث في أوصالها أفكار الإنسان، وإبداعات الإنسان، وتجليات الإنسان، فذلك النبض الذي زُودت به الروح الأولى التي نُفخت في أدم عليه السلام.. نبض يستمد تغيراته عبر التاريخ من سنة كونية وقدر جار إلى يوم الساعة. ومهما حاولنا حبس ذلك المارد في قمقم الثابت الذي لا يتغير أبداً، فلن نزداد إلا عجزاً وضنكاً. يقول الفيلسوف أشجيا توماس: (لا نستطيع تغيير أيامنا الخوالي، لكن يجب تغيير أيامنا التوالي). العقلاء هم الذين يستعدون للتغيير بإيجابية كبيرة، بل ويخططون له حتى لا يأخذهم التغيير فجأة، فيعلنوا عليه الحرب، ليخسروها في النهاية. العقلاء يجنون إيجابيات التغيير، ويقللون من سلبياته.وأول خطوة يتخذها العقلاء هو الاعتراف بأن التغيير قادم لا محالة، لذا فهم لا يعادونه بقدر ما يرغبون في ترشيده وتوجيهه، وتخفيف آثاره السلبية ومضاره المحتملة. لا حاجة لمخاصمة حركة التاريخ ومعاداة الطبيعة البشرية التي تأبى إلا التغيير سواء كان تقليداً أو تجديداً. كثير من مسلمات الماضي لم تعد كذلك اليوم. وإذا كان ذلك التغيير درساً للعقلاء، فإن كثيراً من مسلمات اليوم هي آيلة إلى الزوال غداً. بقي على العقلاء الراشدين قيادة هذا التغيير لا معاداته، فالحصان الأصيل سيكون أمام العربة دائماً، أما البليد فسينتظر حبلاً يربطه إلى العربة. salem_sahab@hotmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store