Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«عبدالقادر كتلوج وآخرون.. ونهاية حقبة رياضية ناصعة»

* ليس في صحافتنا العربية تقليد متأصِّل نحو كتابة المقالات الرثائية الموثقة عن سِيَر الراحلين في كل فن من الفنون المرتبطة بفلك هذه الحياة ومداراته، وهو ما تفرد له الصحافة الغربية بعض صفحاتها بكثير من ا

A A
* ليس في صحافتنا العربية تقليد متأصِّل نحو كتابة المقالات الرثائية الموثقة عن سِيَر الراحلين في كل فن من الفنون المرتبطة بفلك هذه الحياة ومداراته، وهو ما تفرد له الصحافة الغربية بعض صفحاتها بكثير من الاحتفاء المطلوب إنسانياً ويأخذ هذا التقليد عنواناً معروفاً في تلك المجتمعات وهو Obituaries أي ترجمات "النعي"، ولعل الكتابة الرياضية أو الحنين إليها تجتذبني مع الزميل الكريم الأستاذ علي حسون بعد أن هجرناها ردحاً من الزمن، وقد سبقني الأخ الحسون قبل مدة يسيرة للكتابة عن لاعب نادي "أحد" الراحل الأستاذ محمد الحاج، والذي ترك الملاعب في منتصف الثمانينيات الهجرية، ومثله فعل –آنذاك- لاعب العقيق المعروف هاشم شيحة، وكلاهما من جيل أعطى للفريق الذي ينتمي إليه خلاصة خبرته في وقت كان اللاعب يعطي ولا يأخذ، وبعض من مجايليهم قبع –للأسف- في منزله لا يعلم عنه أحد، ولا تسأل عنه الأجيال المعاصرة، لعلها تفيد من خبرته وعميق تجربته الكروية، وأعود للفقيد الحاج، فلقد كان دائم الابتسامة ووديعاً مع الجميع، وينأى بنفسه عن الهذر الذي يقع فيه البعض، فترك وراءه سمعة حسنة – هي رأس المال الذي يسعى الإنسان للحصول عليه في حياته طالت أو قصرت.
* وفي نفس الفترة يُودّع نادي الاتحاد لاعبه الأشهر عبدالقادر كتلوج الذي تجاوز في عمره الثمانين عاماً، قضاها هو الآخر في وئامٍ وسلام مع الآخرين، ولعلي التقيتُ به في مجلس صديقنا الشيخ سراج عياد، وأخبرني أنه نشأ في طفولته في قرية وادي الصفراء القريبة من طيبة الطيبة، وأنه ترك الاتحاد فترة ليلعب لنادي الوحدة، ثم عاد للاتحاد ثانيةً، وحتى بعد اعتزاله اللعب فلقد ظل وفياً لحبّه الأول، وجل الاتحاديون إن لم يكن جميعهم يُفاخرون بمثل هذا الانتماء المتجذّر، والذي يبلغ أحياناً عندهم "درجة العشق والوله" وهو إن كان مَنْزعاً لا يعرفه أمثالي، فإنهم ليس في مقدورهم لوم الآخرين عليه، فهو من الصلابة والقوة بحيث لا يستطيع صاحبه الانفكاك أو التحلل منه.
* وفي اتصال هاتفي مع لاعب الاتحاد السابق الصديق المهذب محمد علي فلاتة المعروف بين أحبابه "بالمعلم" رجب، وهو في شهامته وحسن خلقه وسماحته يكاد يقترب من شخصية البابا رجب "الأسطورة"، الذي عرفته أجيال متلاحقة في أحياء "مكة"، وخصوصاً عند أهل حي المسفلة، وبركة ماجن، والكدوة. وأزعم بفضل الله أنني أعرف ذلك وسواه، ولكن حرفة الأدب تقتضي الصمت، وتتطلب الحذر إن لم يكن الانكفاء على الذات، والركون إلى العزلة، أعود لأبي فواز الذي أخبرني أن الفقيد "كتلوج" هو من جيل العمدة محمود أبوداود –رحمه الله- في الاتحاد، وحسن دوش –أطال الله عمره- في الوحدة، وأضاف في شيء من الأسى لقد كان عملة "نادرة"، وسألته إن كان ذلك يعني أنه من "المفاليح"، فرد بالإيجاب.
* أكتب هذا الرثاء الموجز عن الفقيدين سائلاً لهما من الله الرحمة والمغفرة، وتاركاً للمسؤولين في كل من نادي الاتحاد وأحد؛ أخذ مبادرة إنسانية لتكريم من بقي من رموز الكرة في ذلك الماضي الجميل، المليء بصور الوفاء والعرفان.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store