Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

اليوم العالمي للضحك

يبدو أننا أدمنّا الحديث والكتابة عن المشكلات والغوص فيها، وهذا يغيّر الكثير من ‏الطبائع الفطرية؛ لذا أحببتُ أن نأخذ راحة إلى عالم الضحك، لعلّ فيه ما يفيد، وبطبيعة ‏الحال لن أقول ما يثير الضحك، فهذا فن له فرسانه من أصحاب النكت والكوميديا ‏والكاريكاتير وغير ذلك من فنون الإضحاك.‏

A A
يبدو أننا أدمنّا الحديث والكتابة عن المشكلات والغوص فيها، وهذا يغيّر الكثير من ‏الطبائع الفطرية؛ لذا أحببتُ أن نأخذ راحة إلى عالم الضحك، لعلّ فيه ما يفيد، وبطبيعة ‏الحال لن أقول ما يثير الضحك، فهذا فن له فرسانه من أصحاب النكت والكوميديا ‏والكاريكاتير وغير ذلك من فنون الإضحاك.‏تذكرون قبل أكثر من شهر ظهرت مناسبة جديدة في العالم سمّوها (اليوم العالمي ‏للضحك)، وأحتل الخبر مساحة في معظم الفضائيات والصحف، باعتباره خبرًا طريفًا لكنه ‏في الحقيقة له دلالاته؛ لأن إنسان هذا العصر افتقد الضحك الإيجابي الذي يخفف وطأة ‏الحياة وضغوطها على أجساد البشر ونفسياتهم، في ظل أخبار الحروب والمآسي. وفي ذلك ‏اليوم العالمي قامت مجموعات في دول عديدة بممارسة الضحك بشكل عفوي وجماعي؛ ‏ليقولوا للناس رسالة مفادها: غيّروا حياتكم بالترويح.‏بالتأكيد لا أحد يضحك على طول، وفي كل وقت، لكن هناك مَن لا يعرف للضحك ‏سبيلاً أسابيع وشهورًا لطبائعهم الموروثة، أو المكتسبة، أو لأسباب نفسية عارضة أو مزمنة. ‏وبعيدًا عن النكد والهموم نجد للضحك أنواعًا وأشكالاً ودوافع ومآرب، فهناك مَن ‏يشاركك الضحك بتلقائية وصفاء نفس، وآخر تضحكه بصعوبة، وهناك مَن يضحك ‏لك مجاملة، وآخر يضحك لك (ضحكة صفراء)، ومَن يضحك عليك سخرية أمامك أو ‏بالغيبة، وهناك مواقف ومفارقات نضحك فيها، وأخرى نتذكرها فلا نمسك أنفسنا من ‏الضحك، وذكريات قديمة مضى عليها سنوات أو عقود نسترجعها فنبتسم، أو نضحك ‏ونحن نرويها لأبناء أو أصدقاء.‏ومن الناس مَن لديهم قدرة عجيبة على إضحاك غيرهم، وآخرون يضحكون مقدمًا ‏قبل أن يرووا حكاياتهم، فتجد نفسك متشوّقًا لمعرفتها، وهناك مَن يضحك في منزله ومع ‏أسرته، وأظنهم قليلون، ويقهقهون خارجه وهم كثر. وفي العمل تجد مديرًا مبتسمًا ‏وهادئًا، وآخر لا يخفي ضحكاته إذا وجد ما يضحكه، وعلى العكس من ذلك هناك ‏مدير لم يعرفه موظفوه سوى عبوس.‏ومن الناس أيضًا مَن يحمل همومًا ثقيلة، لكنه ينتصر عليها بالضحك، وينساها بالتواصل ‏مع الآخرين، وهناك مَن يواجه المواقف الصعبة بابتسامة تعكس رضا في النفس، وطمأنينة ‏وثقة، وهناك مَن يتطيّر عندما يفرط في الضحك فيقول (اللهم اجعله خيرًا)! وهكذا للناس ‏مع الضحك والابتسامة شؤون وشجون. لذا فإن الضحك -ولو لثوان، وبشكل عفوي في ‏الحياة اليومية- أمر جميل، والأجمل منه الابتسامة التي لا تفارقه في حياته، خاصة في تعامله ‏بحسن الخلق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «تبسّمك في وجه أخيك لك صدقة».‏‏ والضحك، وإن كان يعكس سرورًا، فإن الهستيري منه وكثرته أمر غير سوي، وقد ‏يضر في حالات مرضية معينة، كما أنه يذهب الوقار وخشوع القلب، والضحك بفوائده لا ‏يعني أن يكون هو الغاية، ولا نبحث عنه في توافه الأمور، أو في اللهو، وإنما كل شيء بقدره‏، فكثرة الضحك تميت القلب، كما ورد في الحديث الشريف‏ وإذا كانت حياة الإنسان تبدأ بصرخة الميلاد، فإن المولود سرعان ما يبدأ الابتسام ‏بعد أسابيع، ثم الضحك، ويستجيب للمناغاة، فتشيع ضحكاته الفرح والسرور لأبويه ‏وإخوانه، فما أجمل ضحكات البراءة، وإذا كان بكاء الطفل يعني شكواه من عرض أو ‏مرض، فإن ابتسامته دليل راحته وطمأنينته وانشراحه. ‏ولكن ما رأيكم لو تعرفنا في عجالة على فوائد الضحك: يخبرنا أهل الطب والنفس ‏بأن الانشراح والضحك يحرك عضلات الوجه والقفص الصدري، ويستنشق كمية أكبر ‏من الأكسجين، وقالوا إن الضحك يحسّن عمل المناعة، ويفيد القلب مع التمارين البدنية، ‏بعكس الحزن والنكد الذي يشتت الذهن، ويمرض النفس، ويرفع ضغط الدم، ويجلب أمراض ‏القلب، وربما السكر، ويعجّل بالشيخوخة.‏كما أن الضحك يقوي التواصل النفسي مع الآخرين، ويعطي رؤية مختلفة للمشكلات ‏وحلولها، كما أن الاعتدال في الضحك يعكس النفس المطمئنة، وثقة بالذات، وقدرة على ‏التواصل الاجتماعي، أيضًا يساعد على الاسترخاء والإبداع، فللضحك تأثير رائع في ‏كيمياء الجسم، ويمنح التفاؤل والحيوية. وقديمًا قالوا: (اضحك تضحك لك الدنيا)، لكن دون ‏غفلة في الحياة.‏
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store