Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل الصحافة علم أم فن؟

هل الصحافة علم أم فن؟، هل يمكن لكليات الإعلام أن تصنع صحفيا موهوبا؟، كيف تفسر حقيقة أن أكثر الإعلاميين الناجحين لم يدرسوا الإعلام ولكنهم اكتسبوا مهارات العمل الصحفي بالممارسة فقط؟.

A A

هل الصحافة علم أم فن؟، هل يمكن لكليات الإعلام أن تصنع صحفيا موهوبا؟، كيف تفسر حقيقة أن أكثر الإعلاميين الناجحين لم يدرسوا الإعلام ولكنهم اكتسبوا مهارات العمل الصحفي بالممارسة فقط؟.
هذه الأسئلة كثيراً ما تتردد عليّ سواء من قبل طلابي في الجامعة أو من بعض الصحفيين أو على شبكات التواصل الاجتماعي. والحقيقة أن ما أسمعه حول هذا الموضوع يتعدى ذلك، حيث فاجأني أحد قدامى الإعلاميين بالقول بأنه يعتقد أن كليات الصحافة والإعلام مضيعة للوقت وأن مهارات الإعلام لا تُدرَّس في قاعات الجامعات بل تكتسب في غرف التحرير والميدان. كما قال لي أحد طلابي بأنه يدرس الإعلام مجبراً ولو توفرت له وظيفة في مؤسسة صحفية لاختصر الطريق وترك الجامعة وذهب إليها!
النقاش حول كون الصحافة علما أم فنا، وهل مهارات الصحفي الجيد تولد مع الشخص أم أنها تصنع، هو نقاش ليس بالجديد، وكثيراً ما يتردد في الغرب أيضاً. الفرق أنه يتردد هناك بغرض الوصول إلى أفضل مزيج يلزم التركيز عليه للحصول على صحفي جيد، في حين أن نقاشه لدينا يهدف كما يبدو لي إلى شرعنة الاستمرار في توظيف غير المتخصصين، وفي ترسيخ بقاء والاستشهاد بالجيل القديم كمثال لعدم الحاجة لدراسة الإعلام.
صحيح أن لدينا جيلا رائعا من كبار الإعلاميين المبدعين الذين لم يلتحقوا يوماً بكليات الإعلام، لكن الحقيقة التي ينبغي ذكرها أيضاً هي أنه عند بدايات ظهور ذلك الجيل لم تكن في المملكة أي كليات إعلام وبالتالي لم يكن هناك بديل آخر. هذا الأمر اختلف تماماً اليوم نتيجة لوجود العديد من كليات الإعلام في جامعاتنا وعودة كثير من المبتعثين السعوديين الذين درسوا الإعلام في أفضل جامعات العالم.
وعودة إلى سؤال هل المهارات الصحفية موهبة تولد مع الإنسان أم أنها شيء مكتسب بالتدريب والتعليم، فإني أرى أنها مزيج من هذا وذاك. هذه القناعة ترسّخت لديَّ من خلال تدريسي للإعلام في الجامعة وعملي لسنوات طويلة في مؤسسات إعلامية، فالطالب الذي يتخصص إعلام دون أن يكون لديه عشق للصحافة ودون أن يمتلك الصفات الشخصية التي تحتاجها المهنة مثل الإصرار والفضول وقوة الشخصية، فالأغلب أنه لن يُكتب له أن يكون صحفياً جيداً. جميع هذه الصفات الشخصية من ناحية أخرى لن تكون كافية لتأهيل ذلك الشخص ليكون صحفياً اليوم خاصة بعد التغييرات الكبيرة التي أحدثتها تكنولوجيا الإعلام الجديد وأصبح معها لزاماً على الصحفي أن يكون ملماً بكثير من المهارات الفنية الجديدة إضافة للمهارات الأساسية كمعالجة الصور والفيديو، والبحث عن المعلومة وإخبارها بدقة وفي الوقت المحدد.
ختاماً، أعتقد أننا في المملكة نمتلك اليوم ترسانة ضخمة من الوسائل الإعلامية الصادرة من داخل الوطن وخارجه.. جزء كبير من هذه الترسانة للأسف شبه مُعطَّل نتيجة لضعف المهنية وغلبة الفكر التقليدي القديم والافتقار لوجود رؤية شاملة تضع حداً أدنى من الأسس المشتركة التي تجعل تلك الترسانة تعمل من ناحية كمحرك واحد فائق القوة، وتترك لمكوناته من ناحية أخرى حرية العمل لتحقيق أهدافها الخاصة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store