Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تفرّقت معاناة جدة بين الجهات!

* المطر من نعم الله سبحانه وتعالى يفرح به العربي منذ القدم، فهو يحيي الأرض وينبت الزرع والكلاء فينعم بها هو وإبله وغنمه، ولا تزال المناطق الزراعية في أنحاء الوطن تنتظر المطر وتستبشر بالغمام، الذي يُنب

A A
* المطر من نعم الله سبحانه وتعالى يفرح به العربي منذ القدم، فهو يحيي الأرض وينبت الزرع والكلاء فينعم بها هو وإبله وغنمه، ولا تزال المناطق الزراعية في أنحاء الوطن تنتظر المطر وتستبشر بالغمام، الذي يُنبئ عن هطوله.. وفي المقابل نحن في جدة منذ واقعة السيول المشؤومة وأربعائها الأسود قد أصابتنا (فوبيا) المطر فما إن تظهر السحب المتراكمة أو تصل إعلانات التحذير من الأرصاد الجوية والدفاع المدني حتى نهرع مسرعين إلى منازلنا ونتفقد الأبناء والنساء حتى لا تحصرهم المياه في مكان إذا ما هبّت الرياح وهطلت الأمطار، ولذلك يصدق معنا المثل القديم (للمطر مُحُّب وكاره).. وحُقّ لأهل جدة ومن يسكنون فيها أن يخافوا!! فماذا كان وضع المطر الأخير الأسبوع الماضي وما قبله؟!
* نريد أن نؤكد ابتداء بأن الأوضاع بصفة عامة كانت أفضل بكثير من السابق حين الأمطار والسيول القديمة.. وقد كانت أيادينا على قلوبنا غير أن الحال كانت تُبشّر بخير من جرّاء الاستعداد، الذي لمسناه من خلال عدد من الخطوات ومنها تحذيرات الأرصاد والدفاع المدني ابتداءً ثم انتشار سيارات الأمن والدفاع وفرق أمانة جدة وسيارات سحب المياه، التي أبلت بلاءً حسنًا انتهاءً، وقد رَكّزت على النقاط الحرجة التي للأسف– كما أعلنتها – تبلغ 700 نقطة، وهو رقم كبير يتطلب جهدًا مضاعفًا من أجهزتها وغيرها، كما أن فريق إدارة الأزمات من مختلف الجهات المعنية كان له دور فاعل للاستعداد والتعامل مع الحالات، وهو ما كتبنا عنه زمن السيول في جدة وما رأيته هو استدراك محمود لأهمية عمل الفريق للتعامل مع الحالات الطارئة والاستعداد لها قبل وقوعها غير أنه يحتاج إلى حضور أكثر فاعلية حتى يُلبّي احتياجات المواقع ويتعامل معها باحترافية.
* ورغم هذا وذاك فإنني قرأتَ تنصلُ الكثير من الجهات ورمي المسؤولية على غيرها ليتقاذف المعنيون بالسيطرة على أزمة العروس الأزلية التُهّمْ في التعامل مع مياه الأمطار والمياه الجوفية، مما جعل معاناتها وأزمتها تّتفرق مسؤوليتها بين الجهات على غرار (تفرّق دمه بين القبائل)، فما عدت تدري من المعني بكل مشكلة وحلها.. وحتى تتضح الأمور يقتضي المنهج العلمي في معالجة الأزمات أن يتم التعرف على المشكلة أصلًا وفروعها، ومن ثم تحليل أسبابها والوقوف على طرائق الحلول ووضع خطط مرحلية آنية ومرحلية لإنقاذ الوضع وعلاجه والتعامل معه ومن ثم الحيلولة دون وقوعه من جديد فليس ثمة مستحيل إذا ما توفر عزم الرجال والدعم، الذي تستحقه جدة.
* ومن خلال متابعاتي لما كتب عقب الأمطار تبين تحليليًا أن جدة تتنازع مسؤولياتها جهات عديدة ما بين (مشروعات درء السيول التي خطت خطوات جيدة عقب الأزمة الفائتة بإشراف سمو أمير المنطقة/ مشروع تصريف مياه الأمطار/ مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية، وهي معاناة ترزح تحت وطأتها جدة منذ زمن بعد بناء مشروع الكورنيش الشمالي، وما سببه في انسداد المسام التي كانت تسمح للمياه الجوفية، ومن ثم مياه الأمطار التي تتسرب إليها بالتصريف نحو البحر، أما الانسداد فقد كان سببه الصخور المستخدمة في ردم الكورنيش.. بالإضافة إلى مشروع سحب مياه الأمطار من الشوارع، الذي وقعت أمانة جدة (9) عقود فيه مع عدة شركات كما أوضحت الأمانة). ولذلك كان هناك تناوب في رمي المسؤولية وإلقاؤها على الغير ما بين شركة نسما القابضة المحدودة والمتحدث الإعلامي للأمانة.. وبعد تحليل ما كُتب يتضح أن مشروعات تصريف السيول ليست ضمن مسؤولية الأمانة وإنما هي تحت مسؤولية شركة أخرى.
* لذلك فإننا لو أردنا تحليل المشكلة ومن هم على صلة بها نجد الأمر متشابك ومتفرّق ما بين شركات تصريف مياه الأمطار والسيول المتعاقد معها وشركة المياه الوطنية، التي تساهم في تخفيض مستوى المياه الجوفية والأمانة التي تتعامل مع الطرق ومشروعات الجسور والأنفاق وتزفيت الشوارع، الذي يقلل من ركود المياه فور هطول الأمطار.. ومصلحة المياه والصرف الصحي التي تتعامل مع المجاري وغرف التفتيش.
* والمواطن والمقيم في هذه المدينة الساحلية الحالمة، التي استهوت واجتذبت الكثير من سكان مدن المملكة للعمل أو الاصطياف أو التجارة أو المرور فيها وبها لا يهتمون كثيرًا بتلك التفاصيل، ويريدون أن تعود جدة العروس لسيرتها الأولى.. وحتى نكون منصفين في الحكم لا بد أن نعترف بأن ثمة مشروعات ظاهرة ومتسارعة في جدة خلال الأربع سنوات الماضية غير أن عدم اكتمال بعضها ربما يزيد من غضب الناس وتبّرمهم سيمّا مع تعطل وازدحام وضيق العديد من الطرق نتيجة المشروعات والإصلاحات لذلك لا بد من ظهور دور فريق معالجة الأزمات والتعامل معها ليحدّث الناس بكل شفافية ويلقي الضوء على المشكلات ويحلّلها ويطلعهم على ما تم من حلول ويعطيهم مقارنات بين ما كان عليه الوضع عقب السيول وما آل إليه الآن وما سيتحقق في القريب ويحيطهم بالجدول الزمني فهو الوحيد القادر على أن يتكلم نيابة عن كل الجهات حتى تتضح الصورة ولا تتفرّق معاناة جدة في كل مطر بين الجهات.

دوحة الشعر:
يا (جدة) الوصف حرفي ليس يُحسنه
لا الشعر يسعفني فيه ولا الزجلُ
أنت العروس لكل الناس قاطبة
فـريدة الحسن لا ندّ ولا مثلُ
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store