Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الوزير والحلّاق

القاعدة المشهورة والتي تٌقال دائمًا وفي سياقاتٍ مختلفة؛ (خالف تُعرف) أو (خالف تشتهر)، هي قاعدة صحيحة إلى حدٍّ كبير، بغضِ النظر عن نوع المخالفة أو الغرض والمقصد منها!

A A
القاعدة المشهورة والتي تٌقال دائمًا وفي سياقاتٍ مختلفة؛ (خالف تُعرف) أو (خالف تشتهر)، هي قاعدة صحيحة إلى حدٍّ كبير، بغضِ النظر عن نوع المخالفة أو الغرض والمقصد منها!
نعم؛ إذا اعتاد الناسُ على أمرٍ ما، أو تعوّدوا على نمطٍ معين من التفكير أو طريقة العمل أو الأداء فإن هذا النمط أو التقليد؛ لن يُحرك ساكنًا، أو يُلفت نظرًا، أو يُثير رأيًا عامًّا، أو يدفعَ كاتبًا للإشادةِ أو الثناء! ما لم يتغير!
والإشكال الحقيقي عندما يكون الرأيُ النمطيُ السائد أو الأمرُ المُتعَارفُ عليه هو:
(الخطأ أو خلاف الواجب)، والأمر الشاذ أو المُخالف للسائد هو (الصواب والواجب)!!
عندما يختلُ الميزان، ويفقدُ الإنسانُ الشعور بإمكانية وجود الحل والعلاج والتقدّم وتحقيق الوعود، فإننا نكون قد وصلنا لمرحلةٍ نفسيةٍ سيئةٍ!
مضى علينا نحنُ أهل هذا الوطن الكريم حينٌ من الدهرِ ونحن لا نرى في كثير من المسؤولين إلاَّ نمطًا معتادًا، ونسخة مكرورة من الأداء وطريقة العمل، فسعادته بعيدٌ كل البعد عن المواطن والميدان، وبالتالي هو بعيدٌ عن القلوب والآذان! فلا يكادُ كثيرٌ من المواطنين -شبابًا ومن غير الشباب- لا يكادُ كثيرٌ منهم يعرفُ أسماء كثيرٍ من أصحاب السعادة المسؤولين! لماذا؟ لأن الوضع الرسمي والاجتماعي الذي حفّ بسعادته، وحفّ سعادته نفسُه به لا يسمحُ له ولا للمواطن أن يصلا لنقطةٍ أو مساحةٍ من التقارب والود!
ولو كان الميزان منتظمًا معتدلاً وواقعيًّا منذ البداية، لأصبح الوضع مختلفًا لحدٍ كبيرٍ!
المسؤول قد يكون موظفًا كبيرًا نعم، ولكنه هو في النهاية مواطن، اختاره ولي الأمر -وفقه الله- لأداء مهمةٍ واحدةٍ ومُحدّدة وهي (خدمة المواطن)! ليس نبيًّا، ولا مَلَكًا، ولا مُقدَّسًا، عليه واجبات كثيرة وله حقوق وظيفية مُحدَّدة بحكم النظام!
فلماذا يكون بينه وبين المواطن، وهمومه الحقيقية، ومشكلات الشارع، تلك الحُجب والمسافات والمساحات! لماذا تكون مقابلة بعضهم حُلمًا يراودُ أصحاب الحاجات والهموم؟! لماذا لا نعرف كثيرًا من أسماء المسؤولين، ولا نحس بوجودهم، وأخص بالذكر الإدارات الخَدَمية التي لها علاقة مباشرة بالخدمات اليومية؟!
من هذه الأسباب: نمطية أداء كثير من المسؤولين، الجو الرسمي والتقليدي الذي أحاطَ بهذا المسؤول أو ذاك فأبعده عن الناس العاديين، وأبعدَ الناسَ عنه، ضعف الإحساس بعظم الأمانة وثقل المحاسبة عند البعض... إلخ.
وفي ظني أن هذا النمط المعتاد والمكرور من المسؤولين هو الذي جعل الناسَ باختلاف طبقاتهم واحتياجاتهم وهمومهم يطيرون فرحًا واحتفاءً بوزير التجارة د. توفيق الربيعة، الذي له من اسميه نصيب جميل!
هذا الوزير عرفه الناس وتتبّعوا أخباره في وسائط التواصل الاجتماعي، وأثنى عليه القريب والبعيد، ودعوا لولي الأمر الذي اختار مثله، لماذا: لأنه كان واعيًا من البداية لدوره وحدود وظيفته، وأنه -في حقيقة الأمر ودون رتوش- موظفٌ اختاره ولي الأمر للقيام بخدمات معينة خلاصتُها ونهايتها (خدمة المواطن)، فقط؛ هذا كلُّ شيء!
ولو كنّا نعهد من موظفي القطاع الحكومي كبارهم وصغارهم هذا النوع من الأداء والعمل، وذلك النمط الجديد من التعامل، والصورة التي يظهرُ ويتعاملُ بها الوزير الربيعة توفيق -وفقه الله- لما كان لهذا الوزير أبدًا هذا الحظُ من الشهرةِ والثناء والقبول والتتبع لأخباره -والمؤمنون شهودُ الله في أرضه- لأنه كان سيعمل وفق السقف المُعتاد، والقدْر المُفترض والواجب!
إنه وغيرهُ من الناجحين كالمطر في بلادنا؛ حين يهطل فيفرحُ به الناس، ويتناقلون أخباره وصوره في جوالاتهم وتغريداتهم!
كتبتُ هذا المقال وأنا أنظر لمشهدٍ غير نمطي للوزير وهو ينتظرُ دوره في صالون للحلاقة! قلتُ: ما الجديد وما الغريب لو كان السائد هو الصح والشاذ هو الخطأ؟!
وفقك الله توفيق، وجعل أيامك ربيعًا!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store