Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لن أترحم على سعيد عقل

بمناسبة وفاة الشاعر اللبناني الكبير سعيد عقل قبل أيام، كتب بعض مريدي الشاعر مقالات وخواطر وتغريدات، تدعو إلى الفصل بين الآراء السياسية للمبدع، وبين إبداعه.

A A
بمناسبة وفاة الشاعر اللبناني الكبير سعيد عقل قبل أيام، كتب بعض مريدي الشاعر مقالات وخواطر وتغريدات، تدعو إلى الفصل بين الآراء السياسية للمبدع، وبين إبداعه.
المعروف عن سعيد عقل أنه من أكبر المؤيدين للكيان الصهيوني، إذ سبق له أن عبّر عن ذلك بصراحة عقب اجتياح جيش العدو الصهيوني للبنان صيف عام ١٩٨٢.
في ذلك الوقت وبعد أن دنّس جيش العدو الصهيوني كل شبر تقريباً من أراضي لبنان، قال سعيد عقل في تصريح تلفزيوني، بأن الجيش الإسرائيلي هو (جيش خلاص) وليس (جيش غزو)، ثم أضاف بنبرة حماسية: (كل اللي بيقول إن الجيش الإسرائيلي هو جيش غزو، بدو قص راس)!
بالتأكيد إن كل مبدع، بل وكل إنسان، يمتلك الحق والحرية المطلقة في تبني ما يشاء من آراء سياسية. لكن الآراء السياسية تختلف اختلافا جذريا عن المواقف الوطنية والقومية والأخلاقية. وما قاله سعيد عقل، لا يمكن أن يندرج تحت خانة الرأي السياسي أبدا، فالخيانة ليست رأيًا، والتنكّر حتى للأخلاق، لا يمكن التعامل معه باعتباره مجرد وجهة نظر، إلا إذا كنّا غير معنيين بالقيم الأخلاقية من الأساس.
على سبيل المثال فإنه يمكننا أن نتعامل مع تأييد نجيب محفوظ للحل السلمي مع الكيان الصهيوني، باعتباره رأيًا سياسيًا، رغم عدم موافقتي على هذا الرأي، بل ورغم يقيني بعدم صحته. لكن مجرد الموافقة على الحل السلمي، تعني أن هناك اعترافًا بوجود المشكلة، كما أنها تعني بأن الاحتلال هو سبب المشكلة..
باختصار: فإن الدعوة إلى الحل السلمي، تتضمن دعوة صريحة للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الوجود، وبحقه في تقرير المصير.
هذا الرأي رغم فساده من وجهة نظري، يظل رأيًا، أما موقف سعيد عقل الموثّق عبر مقاطع الفيديو، فلا يمكن تصنيفه إلا ضمن خانة الخيانة الوطنية والقومية، بل والخيانة لكل قيمة إنسانية وكل مبدأ أخلاقي.
لقد قال سعيد عقل إنه كان سيُقاتل إلى جانب جيش العدو الصهيوني، لو أنه كان يمتلك تنظيمًا مسلحًا!.. فهل يمكن لرجل عربي مثل سعيد عقل، أن يجهل حقيقة أكبر كيان استيطاني عنصري في التاريخ، رغم المواقف المعادية للكيان الصهيوني التي يجاهر بها الشرفاء في الغرب، بمن في ذلك اليهود الأحرار أنفسهم؟!.. وهل يمكن أن يكون كلام سعيد عقل مجرد ردّة فعل لتجاوزات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان إبّان الحرب الأهلية هناك، رغم كل الجرائم التي تورط في ارتكابها هذا الكيان، ضد الفلسطينيين وضد كافة الدول العربية، وبالذات الدول المجاورة لفلسطين المحتلة، وعلى رأسها لبنان؟!
نعم، وبدون أدنى شك، فإن سعيد عقل، يظل واحدا من أهم المواهب الشعرية التي أنجبها الوطن العربي في العصر الحديث. لكن موهبة سعيد عقل شيء، وخيانته الصريحة شيء آخر، وأي تبرير لتلك الخيانة تحت أية حجة، هو أمر مرفوض أخلاقيًا.
الشعر هو أعظم محاولة للانتقام من البشاعة.. وليس هناك ما هو أبشع من الخيانة وتأييد الظلم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store