Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«المحرقة.. النسق المتجدد في الفكر الغربي»

** فجأة احتفت وسائل الإعلام الغربي والبريطاني والإنجليزي خاصة بشخصية (Sir, Nicholas Winton) والذي تجاوز عمره المائة عام، وذكرت صحيفة الديلي تلغراف في عددها الأسبوعي (November, 5-11,2014) أن عمره تحديد

A A
** فجأة احتفت وسائل الإعلام الغربي والبريطاني والإنجليزي خاصة بشخصية (Sir, Nicholas Winton) والذي تجاوز عمره المائة عام، وذكرت صحيفة الديلي تلغراف في عددها الأسبوعي (November, 5-11,2014) أن عمره تحديدًا 105 أعوام، وأنه قُلّد وسامًا رفيعًا من الجمهورية التشيكوسلوفاكية. وتأتي خلفية تكريمه لأنه قام كما تذكر الصحف الغربية بإنقاذ 669 طفلاً عام 1939م، من براغ (Prague) إلى بريطانيا عن طريق القطار، وأنه بعمله الإنساني والبطولي هذا حفظ لهؤلاء الأطفال حياتهم، وأنهم لو وقعوا في يد النازيين للقوا حتفهم، ولم تذكر هذه الوسائل الإعلامية شيئًا عن جنسية هؤلاء الأطفال، أو ديانتهم الأصلية، وإن كان الاحتفاء يحمل مضمونًا بعيدًا وهو تمجيد الدور البريطاني في الحرب العالمية الأولى في مقاومة الحركة النازية العنصرية، ومدى قابلية المجتمع الإنجليزي على تقبّل الأجناس الأخرى، وقدرته على دمجهم وصهرهم داخله.
** في يوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2014م، كنت أشاهد قناة بي بي سي الإنجليزية، وكان مقدم برنامج حديث قاس (Hard-Talk)، "ستيفن ساكر" يتحدث عن شخصية قامت بدور بطولي كبير، لقد كان الإعلامي الإنجليزي يحاور "سير نيكلوس" نفسه في منزله بالريف الإنجليزي وعرفت من خلال إجاباته عن الأسئلة المطروحة عليه بأنه من جذور يهودية، ولكنه كان يمارس طوال حياته الطقوس المسيحية، وأنه يرفض محاولة وسائل الإعلام الغربي من تقديمه "كبطل"، بل هو يعتبر أن ما قام به هو واجب إنساني محض، أملاه عليه ضميره. ومن ضمن الأسئلة التي وجهها إليه مقدم البرنامج عن رؤيته للصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط، وعن إمكانية تحقيق سلام بين الإسرائيليين والعرب، فأجاب بصراحة أنه غير متفائل بتحقق مثل هذا الأمر، ولكنه لم يتطرّق إلى أسباب تشاؤمه، ومعلوم أن بعضًا من الإنجليز ذي الجذور اليهودية أكثر موضوعية من غيرهم في الحديث عن مأساة الشعب الفلسطيني، كما هو الحال في الناقد الأدبي والفني والنائب سير جيرالد كوفمان Gerald-Kaufman، الذي ألقى قبل سنوات خطابًا رائعًا في مجلس العموم البريطاني، وتحديدًا عند حصار الجيش الإسرائيلي آنذاك لمدينة بيت لحم ذات الخصوصية الإسلامية والمسيحية على حد سواء، منتقدًا شخصية الإرهابي "شارون" وذاكرًا أنه دنس ما يعرف في التقليد اليهودي نجمة "داوود"، وفي ضوء هذا الخطاب الذي يعكس صراحة -كوفمان- وانحيازه للمطلب الفلسطيني العادل -رفض مجلس النواب اليهودي في بريطانيا Jewish,Board,of Deputies استضافته- بعد أن وجه إليه دعوة شخصية لإلقاء محاضرة، ورد كوفمان على مواقف المجلس في مجلة New, States,Man المعروفة بميولها الاشتراكية بأنه لا يشرفه مطلقًا بأن يكون ضيفًا على هذا المجلس الذي أضحى ليكودي الهوى والمنزع، وبالمناسبة فقد تم تقديم اللقاء في محطة بي. بي. سي مع شخصية "سير نيكلوس" في اليوم الذي تم فيه الاعتداء على معبد يهودي في مدينة القدس، حيث تناسى الإعلام الغربي أن اليهود والمتطرفين يسعون لتدنيس ساحة المسجد الأقصى، ومنع المصلين العرب من أداء الصلاة فيه. وإذا كان الهولوكوست النازي حقيقة قائمة في التاريخ فإن الهولوكوست الإسرائيلي لا يقل فظاعة عن المحرقة النازية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store