Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تحجيم إعلام الطائفية والانحلال

التكاثر العددي الكبير للقنوات الفضائية العربية ودخولها قسرًا لكل بيت من بيوتنا جعل من الممكن القول إنه يندر أن يمر يوم واحد دون أن نشاهد فيه على بعض تلك القنوات لقطة خادشة للحياء أو مشجعة على الرذيلة

A A
التكاثر العددي الكبير للقنوات الفضائية العربية ودخولها قسرًا لكل بيت من بيوتنا جعل من الممكن القول إنه يندر أن يمر يوم واحد دون أن نشاهد فيه على بعض تلك القنوات لقطة خادشة للحياء أو مشجعة على الرذيلة أو مغذية للكراهية والتطرف والفرقة المذهبية والطائفية.
الأمثلة على ذلك كثيرة جدًا ويصعب حصرها، منها على سبيل المثال لقطة في إحدى المسلسلات الأجنبية الشهيرة تسخر فيها فتاة من صديقتها وتصفها بالجمود لأنها لا زالت عذراء وليس لديها عشيق (بوي فريند). لقطة أخرى في مسلسل مدبلج تظهر فيها البطلة وهي حامل سفاحًا وكانت تتحدث مع أمها وهي تعبر عن سعادتها، بينما ردّة فعل أمها لا تحمل أي علامة استنكار للفعل المشين الذي قامت به.
هناك أيضًا على الطرف الآخر قنوات أخرى تبث سمومًا من نوع مختلف، سمومًا تعمل على تمزيق لحمة المجتمع عبر بث الكراهية والأحقاد بين أبنائه وممارسة التحريض والتجييش الطائفي، وقد نجحت تلك القنوات للأسف الشديد في تحويل الاختلاف المذهبي إلى خلاف وعداء وعدم ثقة بالطرف الآخر، وذلك في نفوس العامة والبسطاء. المشكلة أن كل طرف يزعم أن وجوده أمر ضروري لمواجهة افتراءات قنوات الطرف الآخر، متجاهلين حقيقة أن الشر لا يُواجَه بالشر ولا بتجييش عواطف البسطاء وشحنها، ولكن ببث كل ما يرسِّخ سماحة الإسلام وتسامحه، ويستعرض ويعتبر بنتائج الصراعات الطائفية في دول كالعراق وسوريا وغيرها، والتي أحرقت الأخضر واليابس وأراقت الدماء دون أن ينتج عنها سوى الخسران المبين لكل تلك الأطراف.
نحن إذن أمام طوفان من البث المُدمِّر لأخلاقيات وقيم المجتمع، أو لتماسكه وترابطه. النتائج في كلتا الحالتين كارثية، خاصة عندما يُضاف إليها ما يتم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي من عنصرية وشحن مذهبي وترويج للفساد والانحلال.
وأمام كل ذلك لم يعد هناك بديل سوى التحرك سريعًا لسن قوانين واضحة ومحددة تُجرِّم بث أيًا مما سبق على وسائل الإعلام التقليدي والجديد. هذه القوانين وعقوباتها الرادعة يجب تفعيلها بحزم وصرامة داخليًا كخطوة أولى، ثم التنسيق دوليًا لتفعيلها على جميع الأقمار التي تُبَث للمنطقة. وكما قادت المملكة تحركات رائدة وفاعلة لمكافحة التطرف والإرهاب فإنه يمكنها تبنِّي مبادرة دولية مُحدَّدة المعالم للتعامل مع هذه الظواهر الإعلامية وتحجيمها لأقصى حد ممكن.
معالي وزير الإعلام المكلف الدكتور بندر حجار طمأننا خلال المؤتمر الصحافي الذي أقيم على هامش منتدى الإعلام السعودي 2014 بوجود تنظيمات وتشريعات جديدة سيتم تطبيقها لمواكبة التطورات السريعة في قطاع الإعلام الجديد بشكل خاص، والإعلام التقليدي بشكل عام، مؤكدًا أن تلك التطورات تحتاج إلى مواكبة من حيث القوانين والتشريعات، والتي تهدف إلى مراعاة المسؤولية، والأمور الدينية، والوحدة الوطنية في المملكة.
وكما أن إصدار تلك القوانين والتشريعات أمر مهم، فإن الأهم هو تفعيلها وتطبيقها بمنتهى الحزم والصرامة؛ حتى لو استلزم الأمر إغلاق عشر فضائيات دفعة واحدة، وملاحقة كل من يُمارس عنصرية وطائفية وانحلال على شبكات التواصل، وعقابه بشكل علني ليكون عبرة لغيره. هذه قطعًا ليست دعوة لتحجيم الإعلام ولكن لتنظيمه وتنقيته قدر الإمكان من السموم التي دخلت كل بيت من بيوتنا، وغدت على أطراف أصابع أبنائنا وبناتنا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store