Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نزلاء أربطة مكة.. ضعفاء لا بواكي لهم

نزلاء أربطة مكة.. ضعفاء لا بواكي لهم

ظهر في مكة المكرمة ولأول مرة عام 312هـ ما يعرف بالرباط، وهو «رباط السدرة»، وكان يقع بين باب السلام وباب النبي صلى الله عليه وسلم، وقبله كانت بمكة المكرمة ما يسمى بالدور والرباع، والتي كانت تقوم بدو

A A

ظهر في مكة المكرمة ولأول مرة عام 312هـ ما يعرف بالرباط، وهو «رباط السدرة»، وكان يقع بين باب السلام وباب النبي صلى الله عليه وسلم، وقبله كانت بمكة المكرمة ما يسمى بالدور والرباع، والتي كانت تقوم بدور الرباط، ومن أشهر الدور والرباع ربع آل أبي العاص بن أمية، ورباع بني نوفل بن عبد مناف عند العلم الأخضر بالمسعى، وربع آل دواد بن الحضرمي، ورباع بني عامر بن لؤي، ودار سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ودار العباس رضي الله عنه، ودار الأرقم بن أبي الأرقم، ودار العجلة.
ولكن ماذا عن الأربطة اليوم؟ وما آل إليه حالها؟
«المدينة» حاولت الوقوف على واقع الأربطة الخيرية اليوم ومعاناة نزلائها، وذلك من خلال هذا الموضوع.
ابتدأ العم حسن دخيل الله الغامدي ذو السبعين خريفا سرد حكايته المُرّة مع الجحود، والتي تشي بها تجاعيد وجهه ولحيته البيضاء قائلا: أسكن في هذا الوقف المتهالك كما ترون غرفة واحدة والذي انتهى عمره الافتراضي، ولم أتلق أي إعانات سواء كانت نقدية أم عينية من أي الجمعيات الخيرية أو أي جهة تذكر، ولم تأتنا ولو زيارة واحدة من أي جمعية خيرية حتى ولو للاطمئنان علينا أو تفقد أحوالنا ومن المفارقات أنه يوجد على الجهة المقابلة لهذا الوقف جمعية زمزم الخيرية.
ويروي لنا العم حسن قصة تثبت عمق ما يتعرضون له من تجاهل وإهمال ولا مبالاة إذ يقول والحسرة تعتصر قبله والدموع تملأ مآقيه لقد توفي جار لي في وقف (الحضرمي) ومرَّ يومان دون أن يدري أحد بموته واكتشفنا ذلك بمحض الصدفة، لذا قرر العم حسن ألا ينام إلا إذا اطمأن أن باب غرفته مفتوحا خشية أن يموت دون أن يدري عنه أحد والله أعلم متى سوف يكتشفون وفاته.
وقال المواطن عبدالله اللحياني: إنه تقدم لأوقاف (العزيزة) بأوراق تثبت احتياجه من جهات حكومية لا تعد ولا تحصى -على حد قوله- من أجل أن يوافقوا على تسكينه، ليسلموه ورقة مكتوب عليها تم إيواؤه في شقة برقم كذا، ثم يستطرد معلقا في حسرة قائلا: المفاجأة أنها ليست بشقة ولكنها غرفة وحمام وحمامها في رواق العمارة وليس بداخل الغرفة، وشكى لنا عناءه المرير مع الحشرات والبعوض بسبب عدم نظافة المكان، وطلب أن تسجل عدسات «المدينة» هذا الحال، لكي تنقل الصورة بكل أمانة وصدق للمسؤولين. وحينما سألناه هل يتقدمون بشكاوى للجهات المعنية، قال نتقدم ولا جدوى ولا يتحرك أحد سواء الأوقاف أو الشؤون الاجتماعية أو غيرهما.
وأجهشت المواطنة المسنة «يماني»، والتي لا تقوى على السير لخطوات، باكية من الفقر وقسوة الظروف التي تعيش فيها، فتقول: سلموني هذه الشقة ولم أجد من يفرشها إلى أن وجدت فاعل خير فرشها لي فرشا متواضعا، كما أني لا أتقاضى من الضمان الاجتماعي غير 800 ريال شهريا، وأدفع منهم فاتورة الكهرباء والعلاج والأكل، ولا يصلني من الجمعيات الخيرية التي تتحدث عن الملايين التي توزعها على الفقراء غير سلة غذاء في شهر رمضان من كل عام لا تكفي لأكثر من أسبوع.
تعويضات الإزالة
التقت «المدينة» مع ناظر الأوقاف الدكتور نجم الدين الإنديجاني، وهو صاحب خبرة كبيرة تمتد لأكثر من عشرين عاما في هذا الشأن فقال: الأربطة هي أوقاف خيرية تكون موقوفة من قبل الحكومة مثل وزارة الأوقاف أو الشؤون الاجتماعية أو من فاعلي خير وتكون لعموم الناس، ويعين لها ناظر يتم تعيينه عن طريق الحاكم الشرعي في المحكمة العليا وفي حالة لم يحدد لها ناظر وتوفي صاحب الوقف فإن أمرها يعود لإدارة الأوقاف أو الشؤون الاجتماعية وتصبح هي الجهة المسؤولة عن تصريف شؤونها وهي مجانية ولا يدفع فيها إيجار لكن بعض النُظار على تلك الأربطة يقومون بأخذ مبلغ رمزي لأمور الصيانة والتشغيل وهذا نادر الحدوث، وأضاف الإنديجاني أن إدارة الأوقاف هي الجهة المسؤولة عن معظم الأبطة الخيرية وهي المسؤولة عن حماية المستحقين واعترف الإنديجاني أن معظم النظار وكذلك إدارة الأوقاف والشؤون الاجتماعية لا يقومون بتنفيذ شرط الواقف كما ينبغي فيما يقدم من خدمات وأن هذا الإهمال من الإدارة المسؤولة عن الرباط «الوقف» وعدم أمانة الناظر والتقاعس عن القيام بالواجبات تجاه المستحقين هو أحد أهم الأسباب وراء ما تعانيه الأربطة بحالها المعلن اليوم.
وحول ما أزيل من أربطة جراء ما تشهده العاصمة المقدسة من مشروعات ضخمة فقد ذكر الإنديجاني أن أعداد المزال منها ضخم جدا وبالرغم من أن الإزالات مرَّ عليها عامان إلا أن معظم هذه الأربطة لم تستلم التعويضات الخاص بها وهذا أثر بشكل سلبي على نزلاء تلك الأربطة فكل سكان تلك الأربطة مع الأسف متوقف عنهم الإيواء والمساعدات بسبب هذا التأخير.
ونصح الإنديجاني من أجل تغيير واقع الأربطة أن يتم اختيار من يصفه بالأعلم بإدارة الوقف وأن يكون لكل رباط مجلس نظارة يتكون من ثلاثة أشخاص على الأقل ولا يكتفى بناظر واحد حتى لا يقع أي استغلال أو انتهاك للنزلاء واستغلال ضعفهم وما إلى ذلك من سوء في استخدام السلطة، لذلك فقيام مجلس نظارة أو إدارة هو الأفضل والأنسب
دعم الشؤون الاجتماعية
ومن جانبه أكد الناطق الإعلامي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية أحمد الغامدي أن الوزارة تقدم دعما ماديا ومعنويا لنزلاء الأربطة الخيرية وتتمثل في راتب شهري لمن تنطبق عليه شروط الضمان ومساعدات مقطوعة سنوية على حسب عدد أفراد الأسرة، ودعم شهري لتسديد فواتير الكهرباء، ومساعدات نقدية لأجل الحقيبة المدرسية والزي المدرسي، ومساعدات شهرية لأجل الغذاء حسب عدد أفراد الأسرة، وسلات غذائية من قبل الجمعيات الخيرية، وبعض المخصصات المالية من قبل الجمعيات لبعض الأسر وبطاقات البركة هذا بالإضافة لما تقدمه الجمعيات الخيرية المعنية بالجانب الصحي من خدمات للمرضى نزلاء الأربطة.
وحول ما إذا كان هناك لجان مشتركة بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والشؤون الإسلامية والجمعيات الخيرية قال: نعم هناك لجان مشتركة وهي لجان متابعة الأربطة الخيرية والتي تعقد اجتماعاتها في مقر وزارة الشؤون الإسلامية كونها هي الجهة المعنية بالإشراف على الأربطة، وأن هناك حالات يتم تحويلها من الضمان الاجتماعي للأربطة الخيريه. وأكد الغامدي على وجود مسح ودراسات اجتماعية يتم من خلالها توزيع المحتاجين وتصنيفهم وفق الاحتياج للجهات المعنية سواء كانت الجمعيات الخيرية أو الأربطة وتقوم به جمعية اكتفاء الخيرية التابعة لإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وهذا التأكيد أتى على ضوء استفسار طُرح عليه بهذا الصدد، وأما عن الجهة المسؤولة والمخولة بالمحاسبة والرقابة على الأربطة الخيرية فقد شدد الغامدي على أن هذا الأمر تختص به وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف دون غيرها.
وأفاد مدير عام جمعية الإحسان الخيرية عبدالله النفيعي أن سكان الأربطة ضمن الفئة التي تستهدفها الجمعية بالخدمة، ولهم نصيب لا بأس به من المعونات التي ترد إلى الجمعية من قبل المحسنين، موضحا أن هناك نوعان من المعونات التي تقدم لسكان الأربطة وهي عينية ونقدية، وتتضمن العينية سلال غذائية سواء سلة كبيرة أو متوسطة وذلك بحسب تصنيف النزيل، وتشمل المواد الغذائية الضرورية للأسرة، أما بالنسبة للمعونة النقدية فتقدم الجمعية لهؤلاء مساعدات نقدية عبر بطاقة صراف «نظام البركة»، بصفة دورية أي كل شهرين أو 3 شهور حسب ما يرد للجمعية من تبرعات، وهناك آلية في عملية توزيع المبالغ المالية بحيث تتم وفق عدد أفراد الأسرة وتصنيفها، وفي المجمل فإن القيمة تبدأ من 500 لتصل إلى 1000ريال، ويبلغ عدد المستفيدين من تلك المعونات نحو 160 مستفيدا مسجلا في قوائم الجمعية وآخرين تقدم لهم إعانات مقطوعة لا تشملهم القوائم. كما أن الجمعية تقدمت بقوائم بأسماء نزلاء الأربطة إلى عدد من المحسنين الذين عقدت الجمعية معهم شراكة مجتمعية بحيث يتولون رعاية مجموعة من الأسر التي تسكن تلك الأربطة الخيرية.
ميزانيات ضخمة
ومن جانبهم انتقد أعضاء مجلس الشورى جهود وزارة الشؤون الاجتماعية في القضاء على الفقر والمشكلات المترتبة عليه خلال جلسة المجلس يوم الاثنين 10 محرم 1436هـ الموافق 3 نوفمبر 2014م، ووصفت عضو مجلس الشورى صاحبة السمو الملكي الأميرة موضي بنت خالد ن عبدالعزيز الأرقام التي تحدث بها تقرير وزارة الشؤون الاجتماعية والإنجازات المقدم للمجلس، قائلة إنها لا تعكس الواقع الذي نعيشه، مشيرة إلى أن التقارير مربكة ومرتبكة وطالبت وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الصناديق الاجتماعية والخدمية بالقضاء على الفقر، وذلك لما يحدثه من مشكلات في المجتمع. وتساءلت عن مدى استفادة الوزارة من الميزانيات الضخمة المخصصة لها، مشيرة إلى أن هذه المبالغ الكبيرة ليس لها أثر على أرض الواقع، وأن منجزات الوزارة لا ترتقي لمستوى طموح خادم الحرمين الشريفين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store