تجديد حقائب في الوقت المناسب

إن تفاعل القيادة الرشيدة ، مع قاعدتها العريضة ، وهي تتلمس تطلعاتها المشروعة وآمالها المنشودة في غدٍ أفضل ، وأحياناً لترفع عن شعبها بذلك التفاعل ضيماً أو تدرأ ظُلماً ، حدت بها تلك السياسة المخلصة هذه المرة إلى تنفيذ خطوةٍ تصُب في نهاية الأمر في مصلحة الشعب ، تحقيقاً لرغبته واحتراماً لإنجاز وتنفيذ ما يصبو إليه وما يتمناه ، وعليه فقد صدرت سلسلةٌ من المراسيم الملكية بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله وحفظه ورعاه ، شملت تغييراتٍ كبيرة وتعديلاتٍ وزارية تتمثل في تعيين ثمانية وزراءٍ جدد في مجلس الوزراء السعودي الموقر ، حينئذٍ تباينت الأفكار وتضاربت التحاليل لتفسير أسباب هذا القرار ، فاعتبره البعض نتيجةً طبيعية واكبت الأنباء المحبطة ، عن انخفاض أسعار النفط ، واعتبرها آخرون تغييراً يُناسب خطر ما يُسمى بالدولة الإسلامية ، والذي أفرز تلك الهجمات ضد الأقلية الشيعية في المملكة ، فكُل تلك التفسيرات واستعراض ما صحبها من تحليل ، ليس بصائبٍ وقد جانبه التوفيق ، حيث اتضح أن غرض هذا التعديل الوزاري الكبير أوجبته ظروفٌ وفرضتهُ الحاجة الملُحَّة ، فهو نزولٌ من ولي أمر ظل يحترم تطلعات شعبه واستجابةٌ للصوت المحلي المتطلع لارتقاء أداء عدة وزارات شملها التعديل ، بأمر قائدٍ حكيم يعرفُ متى يكون الإصلاح ، وتعديل كل ما يستحق العلاج ويستوجب التقويم ، وبما أن تجديد الدماء في كل كيانٍ يُعدُ ضرورةً صحية ويكونُ لهُ أثرٌ واضح في تنشيط الحركة الانتاجية وانتعاش خلية العمل مُجدداً ، فالذين تم إعفاؤهم قدموا خلال فترة عملهم جهوداً لا يُمكن إنكارها ، وتركوا أجمل الذكريات في حسن القيادة وتقديم كل ما يُمكن تقديمه من إخلاصٍ وتفانٍ فالشكرُ موصولٌ لهم ونسألُ الله لهم التوفيق حيثُما كانوا ، علماً بأن ستةً من هؤلاء الوزراء الكرام تم إعفاؤهم بناءً على طلبهم ورغبتهم ، وهذا بلا شكٍ يُمثل توجهاً حضارياً يستحقُ الإشادة والتقدير ، سيَّما تلك الوزارات التي واجهت انتقاداتٍ متكررة من حيثُ أداؤها ، كوزارة النقل التي تعرضت لشكاوى بخصوص بناء الطُرق والسكك الحديدية ، تم النظر في تلك الشكاوى من قبل مجلس الشورى ، كما تسبب اندلاع مرض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ( كورونا ) في اتهام وزارة الصحة بسوء إدارتها لهذا الملف الخطير وعدم قدرتها على محاصرته وتضييق الخناق عليه .
رغم أن القلق موجود في ما يتعلق بانخفاض أسعار النفط المتراجعة إلى أدنى مستوياتها ، خلال خمس سنوات حيثُ بلغَ سعرُ البرميل أقل من 63 دولاراً ، ومع ذلك فلا علاقة لهذا بالتعديلات الوزارية التي شهدتها حكومة خادم الحرمين الشريفين مؤخراً ، وما يهمنا من هذا الإجراء المدروس والمنُفَذ بفطنةٍ وذكاءٍ وحكمة ، أننا مقدمون على أيامٍ ستكون بمشيئة الله أكثر انتعاشاً ونشاطاً وأوفر خيراً وعطاء ، سيقود دفتها قادةٌ جدد من أبناء هذا الوطن العظيم بحيويةٍ زائدة وعنفوانٍ أكيد ، وفي مشهدٍ تاريخيٍ رائع تابعنا مراسم أداء القسم إيذاناً بتسلم تلك الكوكبة النيرة من أبناء الوطن مقاليد أعمالهم الجديدة ، ليباشروا واجبهم الوطني الذي يرقى لتحقيق تطلعات الشعب ، فيرسمُ الخطط الكفيلة بجعل الإعجاز إنجازاً ، كما يحاول من جهةٍ أخرى أن يكون أهلاً للثقة الملكية السامية التي حُظي بها ، لتكون دافعاً له في إكمال مشواره ببراعةٍ واتقان معتمداً على الله وواثقاً من استمرار التوجيهات السديدة لخادم الحرمين الشريفين ، والتي ستضمن له بإذن الله النجاح في تحمل هذا العبء الكبير ، ومؤكداً لولي الأمر أنه الاختيار الموفق ، وأنه خيرُ خلفٍ لخير سلف ، وسيكون دائماً بعون الله عند حسن الظن ، ولن يخذل من وثقوا فيه ومن حمَّلوه تلك الأمانة ، وأمنياتنا بالتوفيق والسداد لكل من شملتهم الثقة الملكية ، وتم تعيينهم ، ونسأل الله أن يعينهم بعونه وأن يمُدُّهم بالقدرة والقوة لتحقيق ما يرجوه منهم الوطن الغالي من تقدمٍ وازدهار ، وما ينتظره المواطن من مستقبلٍ أنضر وغدٍ أبهر ، ونقول للمغادرين :كان عطاؤكم نعم العطاء ، وقد أبليتُم أحسن البلاء ، وآن الأوان أن تترجلوا أيها الفرسان ، فالمشوار سيُكمله فرسانٌ آخرون بالسير على خُطاكم ، مع إضافة الجديد من لمساتهم الرائعة والبديع من بصماتهم المتوقعة .