Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الوعد ذمة ( 1 / 2 )

إن الوعد بمثابة العهد , والعهد ميثاق بين الناس , فمنا من يقطع العهد ويوفي به , ومنا من يقطع العهد والوعد ؛ ولا يلتزم به , ومن يلتزم به , يعيش في الشك والريبة , وليس له وجه واضح , ولا معروف , ولا لديه

A A
إن الوعد بمثابة العهد , والعهد ميثاق بين الناس , فمنا من يقطع العهد ويوفي به , ومنا من يقطع العهد والوعد ؛ ولا يلتزم به , ومن يلتزم به , يعيش في الشك والريبة , وليس له وجه واضح , ولا معروف , ولا لديه فكر منطقي , مثل هؤلاء يقول لهم العقلاء : ليتكم تنظرون في الوجوه لتروا ما هو مكتوب في العيون ! , أليس من جهل الإنسان أن ينسى أو يتناسى قدر هذه المجالس وحجمها أدباً وشرفاً وإلتزاماً بمنطق ؟ فلماذا تشطحون وتستظرفون غير مبالين بمن حولكم ؟ أليس هذا غريباً على ما تدَّعون أم أنتم قوم لا تعقلون ؟ إن هذه الشّطحات لا يقبلها كل ذي عقل لبيب أو فكر رشيد , والشئ المهم بجانب هذا أنَّ الاقدار لا تمهلنا إذا جاءت بحوادثها .. ألا نأخذ الحذر من حوادثها ؟ لو أخذنا حذرنا منها ما حدث شئ من تلك الشطحات , ولا اقتربنا من الأخطار , إلا أننا لا نملك إلا أن نقول : إنه القدر قد حلَّ على الفعل , وكما يقال في الأمثال : إن البُلَداء دائماً يُحملون إخفاقهم على السبورة , وكما قال تعالى : « أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ « [ سورة فاطر 8 ] , لكن من الخطأ أن نحمل أخطاءنا على غيرنا أو على القدر فإن لم نعترف فسوف نخطئ على الدوام ؛ لأن من يلجأ لذلك النّكران على الدوام يعتبر معترفاً في قرارة نفسه بأخطائه وأفعاله بشكل أو بآخر ؛ لكن يمنعه الكبر والغرور من الإفصاح عنها والإقرار بها .. اللهم ارحمنا من بلاهة البُلهاء , ومكر الأعداء , وكذب الكذابين الأغبياء ..
وإني أتساءل مع نفسي : لماذا هذا النقاش ـ أيها الجمع ـ مع هذه الأطماع ؟ ولماذا هذا الجحود بعد التَّعهد وأخذ المواثيق ؟ أتريدون أن تمرروا الكلمات عن يمناكم ويسراكم , وأن تقوموا بأفعال وأعمال تضرُّون بها العباد وتدمغون وتطمسون بها حقوق غيركم ؟ وما القصد من وراء ذلك كله , هل هو العجز عن فعل الأتقياء ؟!
احذروا إنها قد تصيب مقوماتكم فتصدمون وتصمتون , وقد تشتت بها أذهانكم وقد كتبت عليكم إصراً , لكني أكرر : لماذا كل هذا ؟
ألم يقل رب العزة في كتابه العزيز : « أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ « [ سورة البقرة : 16]
ألا تعلّمنا من مجالسنا ؟ .. ألا علموا وفقهوا ؟ .. ألا فهمنا وتفهمنا من معلمينا ؟ فإذا لم نحب من يصدقنا القول , فلن نقبل النصح ولن نفهم ما هو المطلوب منَّا , لأننا في الأصل لم نحب من يصدقنا القول مهما كان علمنا وإدراكنا , فنحن الجهلاء , فإن أردنا الرشد والتفهم لأعمالنا , فعلينا بعمل استراتيجية لكل فرد منَا , حتى لا يخلط أي عمل صحيح بُني ببذل الجهد وغاية الصدق بعمل مغلوط بُني على الاستهتار والأمر المفروط والمنبوذ , وإن أكثرهم لا يفقهون وإن ادعوا أنهم يعقلون , وإنني قد رأيت الكثير يستحسنون الخطأ , وإذا ناقشتهم أو ناصحتهم تمسكوا بموقفهم , وتعصبوا لآرائهم , وحاربوا كل من اقترب من أفكارهم , بل ويحاولون جاهدين إقناع الآخرين بصحة مواقفهم وصواب آرائهم من وجهة أفكارهم , لأنهم يتعمدون ألا يتبصروا ولا يتعظوا , وبدون فهم للمنطق والأصول والحقوق الواضحة , بل إذا حاول أحد أن يبرهن لهم على ضعف موقفهم وعيوب آرائهم أخذتهم العزّة بالإثم على أنفسهم , ورأيت التغيُّر في وجوههم ونظراتهم وفحيح أصواتهم . فهذا الصنف من البشر يدخل تحت الآية الكريمة : « وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ .. « [ سورة البقرة : 206] .
كما أنهم يحبُّون الخلْط , ولا يستطيعون العمل إلا بهذا الخلْط المغلوط , فيعتقدون أن فيه النجاة مما يصنعون ... رحماك ربي .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store