Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رسالة إلى وزير التعليم العالي

ذكرتُ على مدى ثلاث مقالات بعضًا من معاناة عضو هيئة التدريس، ووضعه في الجامعات، وما ذاك إلاَّ غيض من فيض، وذكرت حاجته الملحّة للجنة حقوق تستمع لمطالبه وتدافع عن حقوقه، أسوة بلجنة حقوق الطالب، والمطالبة

A A
ذكرتُ على مدى ثلاث مقالات بعضًا من معاناة عضو هيئة التدريس، ووضعه في الجامعات، وما ذاك إلاَّ غيض من فيض، وذكرت حاجته الملحّة للجنة حقوق تستمع لمطالبه وتدافع عن حقوقه، أسوة بلجنة حقوق الطالب، والمطالبة بالمساواة بالطالب أكبر دليل على عدم الالتفات لعضو هيئة التدريس الذي تضطره الحال إلى أن يطلب مساواته بالطالب وليس العكس.
فإنَّ معاناة عضو هيئة التدريس لا تقتصر على النواحي الماديَّة فقط، بل تمتد للحقوق المعنوية والأدبية المتمثلة في تسلط الرؤساء على المرؤوسين، وتحكُّمهم حتى في وضع الدرجات، أو توجيه خطابات لهم بطرق غير لائقة، أمَّا قصة معاناة عضو هيئة التدريس بعد التقاعد، فتلك رواية درامية أخرى تحتاج للعديد من المقالات، فعضو هيئة التدريس المتقاعد يصبح نكرة أو هو كما يقول المثل (أخذوه لحمًا ورموه عظمًا) حتى إنَّ بعض الجامعات تعامله كشخص غريب لا يحق له دخول الجامعة إلاَّ بإذن، وهي لا تفكر حتى في الاستفادة من خبراته العلمية. كل ما تجود به بعض الجامعات هو حفلة تكريم يُعطى فيها درع أو شهادة شكر ورقية وبعدها يصبح نسيًا منسيًّا.
لن أطيل الحديث عن المتقاعدين وحقوقهم المهضومة في جامعاتهم، فليس هذا مجال حديثنا اليوم.
فحديثي اليوم هو المطالبة بإنشاء لجنة، أو هيئة لحقوق أعضاء هيئة التدريس، وهو مطلب أشرتُ إليه في العديد من المقالات ولكنَّه لم يجد أذنًا صاغية، أو عقلية تتحمّس للفكرة، وتنظر فيها بكل حيادية، مع أنَّه مطلب شرعي لعضو هيئة التدريس، لكن يبدو أنَّ سبب وأد المطلب في مهده، هم مديرو الجامعات، والوكلاء، والعمداء، ومَن له يد في صنع القرار، لأنَّهم هم المستفيدون الأوائل من عدم ظهور هذه اللجنة، التي إن كُتب لها الظهور، فإنَّها ستُظهِر عوار كثير من المعاملات المتعثرة، التي رمتها يد الإهمال داخل الأدراج، وستكشف الغطاء عن الأمور التي مُرّرت بالواسطة، والحقوق المالية التي يستأثر بها البعض ومَن لهم حظوة لديهم. إنَّ ظهور هذه اللجنة هو جرس إنذار سيدوّي بكثير من الفضائح؛ لذا فإنَّهم سيكونون أول المحاربين لظهورها، وأول المثبّطين لتفعيلها، وحتى إن وافقوا، أو أسهموا في ظهورها، فلا بد من التنبّه إلى أنه لا ينبغي أن يكون لهم يد في رسم منهجها ووضع آلياتها.
نحن يا وزير التعليم بحاجة ماسّة إلى لجنة حقوق محايدة ونزيهة، ليس لإدارة الجامعات أي سلطة عليها، بل نريدها لجانًا تنبثق من الوزارة، على أن يكون بها محامون ومحاميات تعيّنهم الوزارة، وياليت يكون أحد أعضاء اللجنة تابعًا لهيئة مكافحة الفساد.
أمَّا إذا تدخلت الجامعات من قريب أو بعيد في هذه اللجنة، فإنَّها ستموت في مهدها، وستصبح عبئًا على الدولة، بل إنَّها ستعمل على حماية حقوق المنتهِكين للحقوق.
نحن نتمنى أن يجد صوت أعضاء هيئة التدريس استجابةً من معاليكم، وأن يكون ميلاد هذه اللجنة على أياديكم، وفقكم الله لكل خير.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store